وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنْ الْأَرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ»
ــ
٩٦٠ - ٩٤٣ - (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا قَفَلَ) بِقَافٍ ثُمَّ فَاءٍ، بِزِنَةٍ رَجَعَ، وَمَعْنَاهُ: ( «مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ» ) اللَّهَ تَعَالَى (عَلَى كُلِّ شَرَفٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ ثُمَّ فَاءٍ، أَيْ مَكَانٍ عَالٍ (مِنَ الْأَرْضِ) وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ: إِذَا أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ كَبَّرَ، أَيِ ارْتَفَعَ عَلَى ثَنِيَّةٍ، بِمُثَلَّثَةٍ فُنُونٍ فَتَحْتِيَّةٍ، هِيَ الْعَقَبَةُ، وَفَدْفَدٌ بِفَتْحِ الْفَاءَيْنِ بَعْدَ كُلِّ دَالٍ مُهْمَلَةٍ، الْأَشْهُرُ أَنَّهُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ، وَقِيلَ: الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ، وَقِيلَ: الْفَلَاةُ الْخَالِيَةُ مِنْ شَجَرٍ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: غَلِيظُ الْأَوْدِيَةِ ذَاتِ الْحَصَى.
(ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ: وَجْهُ التَّكْبِيرِ عَلَى الْأَمَاكِنِ الْعَالِيَةِ هُوَ نَدْبُ الذِّكْرِ عِنْدَ تَجَدُّدِ الْأَحْوَالِ وَالتَّقَلُّبَاتِ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَاعِي ذَلِكَ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ: مُنَاسَبَتُهُ أَنَّ الِاسْتِعْلَاءَ مَحْبُوبٌ لِلنَّفْسِ، وَفِيهِ ظُهُورٌ وَغَلَبَةٌ، فَيَنْبَغِي لِلْمُتَلَبِّسِ بِهِ أَنْ يَذْكُرَ عِنْدَهُ أَنَّ اللَّهَ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ، وَيَسْتَمْطِرُ مِنْهُ الْمَزِيدَ.
(ثُمَّ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) بِالرَّفْعِ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ بِلَا، أَوْ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي الْخَبَرِ الْمُقَدَّرِ، أَوْ مِنِ اسْمِ لَا بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ قَبْلَ دُخُولِهَا (وَحْدَهُ) حَالٌ، أَيْ مُنْفَرِدٌ (لَا شَرِيكَ لَهُ) عَقْلًا لِاسْتِحَالَتِهِ، وَنَقْلًا: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة: ١٦٣] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ الْآيَةُ: ١٦٣) فِي آيَاتٍ أُخَرَ، وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِوَحْدَهُ، لِأَنَّ الْمُتَّصِفَ بِهَا لَا شَرِيكَ لَهُ (لَهُ الْمُلْكُ) بِضَمِّ الْمِيمِ، السُّلْطَانُ وَالْقُدْرَةُ وَأَصْنَافُ الْمَخْلُوقَاتِ (وَلَهُ الْحَمْدُ) زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ: " «يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ» " (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ) قَالَ الْحَافِظُ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي بِهَذَا الذِّكْرِ عَقِبَ التَّكْبِيرِ عَلَى الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُكْمِلُ الذِّكْرَ مُطْلَقًا، ثُمَّ يَأْتِي بِالتَّسْبِيحِ إِذَا هَبَطَ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَفِي تَعْقِيبِ التَّكْبِيرِ بِالتَّهْلِيلِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute