وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ الْاسْتِثْنَاءِ فِي الْحَجِّ فَقَالَ أَوَ يَصْنَعُ ذَلِكَ أَحَدٌ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ سُئِلَ مَالِكٌ هَلْ يَحْتَشُّ الرَّجُلُ لِدَابَّتِهِ مِنْ الْحَرَمِ فَقَالَ لَا
ــ
٩٧٠ - ٩٥٤ - (مَالِكٌ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْحَجِّ) وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَتَحَلَّلَ حَيْثُ أَصَابَهُ مَانِعٌ (فَقَالَ: أَوَيَصْنَعُ ذَلِكَ أَحَدٌ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ) وَإِلَى عَدَمِ جَوَازِهِ وَنَفْعِهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَكْثَرُونَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُنْكِرُ الِاشْتِرَاطَ فِي الْحَجِّ، وَيَقُولُ: " أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
إِنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنِ الْحَجِّ طَافَ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَحِلُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يَحُجَّ عَامًا قَابِلًا، فَيَهْدِيَ أَوْ يَصُومَ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
وَذَهَبُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَطَائِفَةٌ إِلَى جَوَازِهِ وَنَفْعِهِ، لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ عَائِشَةَ: " «دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ، وَأَنَا شَاكِيَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجِّي وَاشْتَرِطِي وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» " وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «أَنَّ ضُبَاعَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ ثَقِيلَةٌ، وَإِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: أَهِلِّي بِالْحَجِّ، وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي، قَالَ: فَأَدْرَكَتْ» "، وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّهَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ خَاصَّةٌ بِضُبَاعَةَ إِذْ لَا عُمُومَ فِيهَا، وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّحَلُّلُ بِعُمْرَةٍ، وَكَذَلِكَ جَاءَ مُفَسَّرًا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ: " «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ ضُبَاعَةَ أَنْ تَشْتَرِطَ: اللَّهُمَّ الْحَجَّ أَرَدْتُ فَإِنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ» "، وَعَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ: " هَلْ تَشْتَرِطُ إِذَا حَجَجْتَ؟ قَالَ: مَاذَا أَقُولُ؟ قَالَتْ: قُلِ اللَّهُمَّ الْحَجَّ أَرَدْتُ، وَلَهُ عَمَدْتُ فَإِنْ يَسَّرْتَهُ فَهُوَ الْحَجُّ، وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَهُوَ عُمْرَةٌ "، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ.
(سُئِلَ مَالِكٌ هَلْ يَحْتَشُّ الرَّجُلُ لِدَابَّتِهِ مِنَ الْحَرَمِ؟ فَقَالَ: لَا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ» "، وَالْخَلَا: مَا يَبُسَ مِنَ النَّبَاتِ.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِلَّا الْإِذْخِرَ " وَقِيسَ عَلَيْهِ السَّنَا لِلْحَاجَةِ الْعَامَّةِ إِلَيْهِ، فَإِنِ احْتَشَّ فَلَا جَزَاءَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: عَلَيْهِ الْقِيمَةُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَرْعَى الْإِبِلُ فِي الْحَرَمِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَلَوْ مُنِعَ مِنْهُ امْتَنَعَ السَّفَرُ فِي الْحَرَمِ وَالْمُقَامُ فِيهِ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، قَالَهُ الْبَاجِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute