للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَهُ أَيْضًا: " وَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا يُحْمَلُ عَلَى التَّقْرِيرِ فَتَجْتَمِعُ الرِّوَايَتَانِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّ أَمِيرَ السَّرِيَّةِ نَفَّلَهُمْ فَأَجَازَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَازَتْ نِسْبَتُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا.

قَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: إِنَّ النَّفَلَ مِنَ الْخُمُسِ لَا مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ، وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْهُ أَنَّهُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ لَكِنَّهُ لَيْسَ كَهَؤُلَاءِ فِي نَافِعٍ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْجَيْشَ إِذَا انْفَرَدَتْ مِنْهُ قِطْعَةٌ فَغَنِمَتْ شَيْئًا كَانَتِ الْغَنِيمَةُ لِلْجَمِيعِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا تَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ إِذَا خَرَجَ الْجَيْشُ جَمِيعُهُ ثُمَّ انْفَرَدَتْ مِنْهُ قِطْعَةٌ انْتَهَى.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْجَيْشَ الْقَاعِدَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يُشَارِكُ الْخَارِجَ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ، بَلْ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُنْقَطِعَ مِنَ الْجَيْشِ عَنِ الْجَيْشِ الَّذِي فِيهِ الْإِمَامُ يَنْفَرِدُ بِمَا يَغْنَمُهُ، وَإِنَّمَا قَالُوا بِمُشَارَكَةِ الْجَيْشِ لَهُمْ إِذَا كَانُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ يَلْحَقُهُمْ عَوْنُهُ وَغَوْثُهُ لَوِ احْتَاجُوا، وَهَذَا الْقَيْدُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ التَّنْفِيلُ وَمَعْنَاهُ تَخْصِيصُ مَنْ لَهُ أَثَرٌ فِي الْحَرْبِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَالِ، وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَمِيرِ الْجَيْشِ كَأَنْ يُحَرِّضَ عَلَى الْقِتَالِ وَيَعِدَ بِأَنْ يُنَفِّلَ الرُّبْعَ إِلَى الثُّلُثِ قَبْلَ الْقَسْمِ لِأَنَّ الْقِتَالَ حِينَئِذٍ يَكُونُ لِلدُّنْيَا فَلَا يَجُوزُ مِثْلُ هَذَا، وَخَصَّهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ مَنْ بَعْدَهُ فَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مُدَّعِي الْإِجْمَاعِ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ هُوَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ أَوْ مِمَّا عَدَا الْخُمُسَ؟ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَالَّذِي يَقْرُبُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ مِنَ الْخُمُسِ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْإِثْنَيْ عَشَرَ إِلَى سُهْمَانِهِمْ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ ثَبَتَ لَهُمُ اسْتِحْقَاقُهُ مِنَ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ الْمُوَزَّعَةِ عَلَيْهِمْ فَيَبْقَى النَّفَلُ مِنَ الْخُمُسِ.

وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ بِهِ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ نَافِعٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>