للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَاحِبَ الْمَغَانِمِ كَعْبَ بْنَ عَمْرٍو أَخَذَ مِنْهُ الْجِرَابَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جِرَابِهِ» " وَكَأَنَّهُ عَرَفَ شِدَّةَ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ فَسَوَّغَ لَهُ الِاسْتِئْثَارَ بِهِ.

(قَالَ مَالِكٌ: وَأَنَا أَرَى الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ يَأْكُلُ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَخَلُوا أَرْضَ الْعَدُوِّ كَمَا يَأْكُلُونَ مِنَ الطَّعَامِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مَأْكُولٌ فَيَجُوزُ ذَبْحُهُ لِلْأَكْلِ بِشَرْطِ الْحَاجَةِ كَمَا يَأْتِي.

(وَلَوْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤْكَلُ حَتَّى يَحْضُرَ النَّاسُ الْمَقَاسِمَ وَيُقْسَمَ بَيْنَهُمْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْجُيُوشِ) وَفِي الْحَدِيثِ: " «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» " (فَلَا أَرَى بَأْسًا بِمَا أُكِلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ) دُونَ سَرَفٍ (وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِ) فَلَا يَجُوزُ بِلَا حَاجَةٍ (وَلَا أَرَى أَنْ يَدَّخِرَ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا يَرْجِعُ بِهِ إِلَى أَهْلِهِ) لِأَنَّ الْمُبَاحَ لِضَرُورَةٍ لَا يَتَعَدَّاهَا.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى: يَأْخُذُ مَا لَمْ يَنْهَ الْإِمَامُ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِالتَّشْدِيدِ فِي الْغُلُولِ، وَاتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الطَّعَامِ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ فَلْيُقْتَصَرْ عَلَيْهِ وَفِي مَعْنَاهُ الْعَلَفُ، وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ رُكُوبِ دَوَابِّهِمْ وَلُبْسِ ثِيَابِهِمْ وَاسْتِعْمَالِ سِلَاحِهِمْ حَالَ الْحَرْبِ وَرَدِّهِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا، وَشَرَطَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيهِ إِذْنَ الْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ كُلَّمَا فَرَغَتْ حَاجَتُهُ وَلَا يَسْتَعْمِلَهُ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ وَلَا يَنْتَظِرَ بِرَدِّهِ انْقِضَاءَهَا لِئَلَّا يُعَرِّضَهُ لِلْهَلَاكِ، وَحُجَّتُهُ حَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ مَرْفُوعًا: " «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَأْخُذْ دَابَّةً مِنَ الْمَغْنَمِ يَرْكَبُهَا حَتَّى إِذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا إِلَى الْمَغَانِمِ» " وَذُكِرَ فِي الثَّوْبِ كَذَلِكَ.

(وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ الطَّعَامَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَيَأْكُلُ مِنْهُ وَيَتَزَوَّدُ فَيَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ أَيَصْلُحُ) أَيْ يَجُوزُ (لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ) يَمْنَعَهُ (فَيَأْكُلَهُ فِي أَهْلِهِ أَوْ) أَنْ (يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ بِلَادَهُ فَيَنْتَفِعَ بِثَمَنِهِ؟ قَالَ مَالِكٌ: إِنْ بَاعَهُ وَهُوَ فِي الْغَزْوِ فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهُ فِي غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ لِلْحَاجَةِ وَالْبَيْعُ زَائِدٌ عَلَيْهَا فَيُمْنَعُ (وَإِنْ بَلَغَ بِهِ بَلَدَهُ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَأْكُلَهُ وَيَنْتَفِعَ بِهِ إِذَا كَانَ يَسِيرًا تَافِهًا) لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ لَا إِنْ كَانَ كَثِيرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>