ضَرَبْتُهُ لِهَذَا الثَّانِي الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَخْتِلَ الْمُسْلِمَ (عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ عِرْقٌ أَوْ عَصَبٌ عِنْدَ مَوْضِعِ الرِّدَاءِ مِنَ الْعُنُقِ بَيْنَ الْعُنُقِ وَالْمَنْكِبِ، وَعُرِفَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَأَضْرِبُ يَدَهُ فَقَطَعْتُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَدِ الذِّرَاعُ وَالْعَضُدُ إِلَى الْكَتِفِ، زَادَ التِّنِّيسِيُّ: فَقَطَعْتُ الدِّرْعَ أَيِ الَّتِي كَانَ لَابِسُهَا وَخَلَصَتِ الضَّرْبَةُ إِلَى يَدِهِ فَقَطَعْتُهَا (فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ) أَيْ شِدَّةً كَشِدَّتِهِ وَيُحْتَمَلُ قَارَبْتُ الْمَوْتَ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ هَذَا الْمُشْرِكَ كَانَ شَدِيدَ الْقُوَّةِ جِدًّا (ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي) أَيْ أَطْلَقَنِي (قَالَ: فَلَقِيتُ عُمَرَ) فِيهِ حَذْفٌ بَيَّنَهُ رِوَايَةُ اللَّيْثِ فَتَحَلَّلَ وَدَفَعْتُهُ ثُمَّ قَتَلْتُهُ وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ فَإِذَا بِعُمَرَ (بْنِ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ) قَدْ وَلَّوْا؟ (فَقَالَ: أَمْرُ اللَّهِ) أَيْ حُكْمِ اللَّهِ وَمَا قَضَى بِهِ أَوْ أَرَادَ مَا حَالُ النَّاسِ بَعْدَ التَّوَلِّي، فَقَالَ: أَمْرُ اللَّهِ غَالِبٌ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.
(ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا) تَرَاجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ «قَالَ لِلْعَبَّاسِ: نَادِ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَلَمَّا سَمِعُوا نِدَاءَهُ أَقْبَلُوا كَأَنَّهُمُ الْإِبِلُ» .
وَفِي رِوَايَةٍ الْبَقَرُ إِذَا حَنَّتْ عَلَى أَوْلَادِهَا يَقُولُونَ: «يَا لَبَّيْكَ يَا لَبَّيْكَ فَتَرَاجَعُوا فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَصْدُقُوا الْحَمْلَةَ فَاقْتَتَلُوا مَعَ الْكُفَّارِ فَقَالَ: الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ وَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا وَقَتَلَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَانْهَزَمُوا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ» .
(فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا) أَوْقَعَ الْقَتِيلَ عَلَى الْمَقْتُولِ بِاعْتِبَارِ مَا آلَ إِلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: ٣٦] (سُورَةُ يُوسُفَ: الْآيَةُ ٣٦) (لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ) بِفَتْحِ الْمُهْمِلَةِ وَاللَّامِ وَمُوَحَّدَةٍ مَا يُوجَدُ مَعَ الْمُحَارِبِ مِنْ مَلْبُوسٍ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ: لَا تَدْخُلُ الدَّابَّةُ.
وَعَنِ الشَّافِعِيِّ: يَخْتَصُّ بِأَدَاةِ الْحَرْبِ.
وَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ بِلَا بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ قَتَلَهُ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ.
وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ: يُقْبَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُ لِأَبِي قَتَادَةَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَفِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَوْسَ بْنَ خَوْلِيٍّ شَهِدَ لَهُ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَصِحَّ فَيُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ أَنَّهُ الْقَاتِلُ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ هَنَا شَاهِدٌ وَاحِدٌ يُكْتَفَى بِهِ.
(قَالَ) أَبُو قَتَادَةَ: (فَقُمْتُ ثُمَّ قُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي) بِقَتْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ (ثُمَّ جَلَسْتُ ثُمَّ قَالَ) النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ، قَالَ: فَقُمْتُ ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي ثُمَّ جَلَسْتُ» ثُمَّ قَالَ) النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute