وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ الْغَزْوُ غَزْوَانِ فَغَزْوٌ تُنْفَقُ فِيهِ الْكَرِيمَةُ وَيُيَاسَرُ فِيهِ الشَّرِيكُ وَيُطَاعُ فِيهِ ذُو الْأَمْرِ وَيُجْتَنَبُ فِيهِ الْفَسَادُ فَذَلِكَ الْغَزْوُ خَيْرٌ كُلُّهُ وَغَزْوٌ لَا تُنْفَقُ فِيهِ الْكَرِيمَةُ وَلَا يُيَاسَرُ فِيهِ الشَّرِيكُ وَلَا يُطَاعُ فِيهِ ذُو الْأَمْرِ وَلَا يُجْتَنَبُ فِيهِ الْفَسَادُ فَذَلِكَ الْغَزْوُ لَا يَرْجِعُ صَاحِبُهُ كَفَافًا
ــ
١٠١٥ - ٩٩٨ - (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ) مَوْقُوفًا، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَحَسَّنَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ عَنْ مُعَاذٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( «الْغَزْوُ غَزْوَانِ» ) غَزْوٌ عَلَى مَا يَنْبَغِي، وَغَزْوٌ عَلَى مَا لَا يَنْبَغِي، فَاخْتَصَرَ الْكَلَامَ وَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْغُزَاةِ وَعَدِّ أَصْنَافِهَا وَشَرْحِ حَالِهِمْ وَبَيَانِ أَحْكَامِهِمْ عَنْ ذِكْرِ الْقِسْمَيْنِ وَشَرْحِ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُفَصَّلًا قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ.
(فَغَزْوٌ تُنْفَقُ فِيهِ الْكَرِيمَةُ) قَالَ الْبَاجِيُّ:؛ أَيْ: كَرَائِمُ الْمَالِ وَخِيَارُهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ:؛ أَيِ: النَّاقَةُ الْعَزِيزَةُ عَلَيْهِ الْمُخْتَارَةُ عِنْدَهُ، وَقَالَ الْبَوْنِيُّ:؛ أَيِ: الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ سُمِّيَتْ كَرِيمَةً لِأَنَّهَا كَرَمٌ عَنِ السُّؤَالِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ:؛ أَيْ: مَا يُكْرَمُ عَلَيْكَ مِنَ الْمَالِ مِمَّا يَقِيكَ بِهِ اللَّهُ شُحَّ نَفْسِكَ، وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ:
وَقَدْ تُخْرِجُ الْحَاجَاتُ يَا أُمَّ مَالِكٍ ... كَرَائِمَ مِنْ رَبٍّ بِهِنَّ ضَنِينُ
(وَيُيَاسَرُ) بِضَمِّ الْيَاءِ الْأُولَى (فِيهِ الشَّرِيكُ) ؛ أَيْ: يُؤْخَذُ بِالْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ مَعَ الرَّفِيقِ نَفْعًا بِالْمَعُونَةِ وَكِفَايَةً لِلْمُؤْنَةِ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يُرِيدُ مُوَافَقَتَهُ فِي رَأْيِهِ مِمَّا يَكُونُ طَاعَةً وَمُتَابَعَتَهُ عَلَيْهِ وَقِلَّةَ مُشَاحَّتِهِ فِيمَا يُشَارِكُهُ فِيهِ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ عَمَلٍ (وَيُطَاعُ فِيهِ ذُو الْأَمْرِ) بِأَنْ يَفْعَلَ مَا أَمَرَ بِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً إِذْ لَا طَاعَةَ فِيهَا إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ.
(وَيُجْتَنَبُ فِيهِ الْفَسَادُ) بِأَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْمَشْرُوعَ فِي نَحْوِ نَهْبٍ وَقَتْلٍ وَتَخْرِيبٍ (فَذَلِكَ الْغَزْوُ خَيْرٌ كُلُّهُ) أَيْ ذُو خَيْرٍ وَثَوَابٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مَنْ هَذَا شَأْنُهُ فَجَمِيعُ حَالَاتِهِ مِنْ حَرَكَةٍ وَسُكُونٍ وَنَوْمٍ وَيَقَظَةٍ جَالِبَةٌ لِلْخَيْرِ وَالثَّوَابِ؛ أَيْ: أَنَّ كُلًّا مِنْ ذَلِكَ لَهُ أَجْرٌ، وَلَفْظُ الْمَرْفُوعِ الْمُشَارُ إِلَيْهِ فَأَمَّا مَنْ غَزَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَأَطَاعَ الْإِمَامَ وَأَنْفَقَ الْكَرِيمَةَ وَيَاسَرَ الشَّرِيكَ وَاجْتَنَبَ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّ نَوْمَهُ وَنَبْهَهُ أَجْرٌ كُلُّهُ.
(وَغَزْوٌ لَا يُنْفَقُ فِيهِ الْكَرِيمَةُ وَلَا يُيَاسَرُ) بِضَمِّ الْيَاءِ الْأُولَى (فِيهِ الشَّرِيكُ وَلَا يُطَاعُ فِيهِ ذُو الْأَمْرِ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (وَلَا يُجْتَنَبُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فِي الْأَرْبَعَةِ (فِيهِ الْفَسَادُ فَذَلِكَ الْغَزْوُ لَا يَرْجِعُ صَاحِبُهُ كَفَافًا) مِنْ كَفَافِ الشَّيْءِ وَهُوَ خِيَارُهُ أَوْ مِنَ الرِّزْقِ؛ أَيْ: لَا يَرْجِعُ بِخَيْرٍ أَوْ بِثَوَابٍ يُغْنِيهِ، أَوْ لَا يَعُودُ رَأْسًا بِرَأْسٍ بِحَيْثُ لَا أَجْرَ وَلَا وِزْرَ، بَلْ عَلَيْهِ الْوِزْرُ الْعَظِيمُ وَلَفْظُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute