عَنْ نَفْسِهِ كَمَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ: الْعَبْدُ فَعَلَ كَذَا.
وَفِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَكُنْتُ فِيمَنْ أَجْرِي.
وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَكُنْتُ فِيمَنْ أَجْرِي فَوَثَبَ بِي فَرَسٌ جِدَارًا.
وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ: فَسَبَقْتُ النَّاسَ فَطَفَّفَ بِي الْفَرَسُ مَسْجِدَ بَنِي زُرَيْقٍ؛ أَيْ: جَاوَزَ بِي الْمَسْجِدَ الَّذِي هُوَ الْغَايَةُ، وَأَصْلُ التَّطْفِيفِ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْمُسَابَقَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْعَبَثِ بَلْ مِنَ الرِّيَاضَةِ الْمَحْمُودَةِ الْمُوصِلَةِ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ فِي الْغَزْوِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَهِيَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الِاسْتِحْبَابِ وَالْإِبَاحَةِ بِحَسَبِ الْبَاعِثِ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا مِنَ الدَّوَابِّ مَجَّانًا وَعَلَى الْأَقْدَامِ، وَكَذَا التَّرَامِي بِالسِّهَامِ وَاسْتِعْمَالِ الْأَسْلِحَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّدْرِيبِ عَلَى الْحَرْبِ وَفِيهِ جَوَازُ إِضْمَارِ الْخَيْلِ، وَلَا يَخْفَى اخْتِصَاصُ اسْتِحْبَابِهَا بِالْخَيْلِ الْمُعَدَّةِ لِلْغَزْوِ، وَمَشْرُوعِيَّةُ الْإِعْلَامِ بِالِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ عِنْدَ الْمُسَابَقَةِ، وَنِسْبَةُ الْفِعْلِ إِلَى الْآمِرِ بِهِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ " سَابَقَ "؛ أَيْ: أَمَرَ أَوْ أَبَاحَ؛ أَيْ: شَامِلٌ لِذَلِكَ، وَجَوَازُ إِضَافَةِ الْمَسْجِدِ إِلَى مَخْصُوصِينَ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ خِلَافًا لِلنَّخَعِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: ١٨] (سُورَةُ الْجِنِّ: الْآيَةُ: ١٨) وَيَرُدُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبَابِ وَجَوَازُ مُعَامَلَةِ الْبَهَائِمِ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِمَا يَكُونُ تَعْذِيبًا لَهَا فِي غَيْرِ الْحَاجَةِ كَالْإِجَاعَةِ وَالْإِجْرَاءِ، وَتَنْزِيلُ الْخَلْقِ مَنَازِلَهُمْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَايَرَ بَيْنَ مَنْزِلَةِ الْمُضَمَّرِ وَغَيْرِ الْمُضَمَّرِ وَلَوْ خَلَطَهُمَا لَأَتْعَبَ مَا لَمْ تُضَمَّرْ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّلَاةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى التَّمِيمِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَمُوسَى وَاللَّيْثُ بْنُ عُقْبَةَ وَأَيُّوبُ كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute