للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَجَزْتُ) وَلَا هَدْيَ (فَمَشَيْتُ) أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ لِاخْتِلَافِهِمْ عَلَيْهِ.

(قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: فَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ يَقُولُ: عَلَيَّ مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ أَنَّهُ إِذَا عَجَزَ رَكِبَ) إِذْ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا (ثُمَّ عَادَ فَمَشَى مِنْ حَيْثُ عَجَزَ) إِذَا قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ بَعْدُ (فَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ) جَمِيعَهُ (فَلْيَمْشِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ) وَلَوْ قَلَّ (ثُمَّ لِيَرْكَبْ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ) مِنَ الْإِبِلِ (أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ) تُجْزِئُهُ (إِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا هِيَ) فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا لَمْ تُجْزِهِ، وَفِي الْوَاضِحَةِ: تُجْزِئُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ: إِنَّمَا أَوْجَبَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ الْهَدْيَ دُونَ الصَّدَقَةِ وَالصَّوْمِ لِأَنَّ الْمَشْيَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَأَفْضَلُ الْقُرُبَاتِ بِمَكَّةَ إِرَاقَةُ الدِّمَاءِ إِحْسَانًا لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ وَالْمَوْسِمِ.

(وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: أَنَا أَحْمِلُكَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ) قَالَ الْبَاجِيُّ: يُرِيدُ مَكَّةَ (فَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ نَوَى أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْمَشَقَّةَ وَتَعَبَ نَفْسِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: لَيْسَ عَلَيْهِ حَمْلُهُ وَلَا إِحْجَاجُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إِحْجَاجَهُ وَإِنَّمَا قَصَدَ حَمْلَهُ عَلَى عُنُقِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنَا أَحْمِلُ هَذَا الْعَمُودَ وَشِبْهَهُ إِذْ لَا قُرْبَةَ فِيهِ وَيَلْزَمُهُ هُوَ الْحَجُّ مَاشِيًا كَمَا قَالَ.

(وَلْيَمْشِ عَلَى رِجْلَيْهِ) لِأَنَّهُ مَضْمُونُ كَلَامِهِ لِأَنَّ مَنْ حَمَلَ ثِقَلًا إِنَّمَا يَحْمِلُهُ مَاشِيًا فَيَلْزَمُهُ الْمَشْيُ.

(وَلْيُهْدِ) يُرِيدُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ كَنَذْرِ الْحَفَاءِ انْتَهَى.

(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى شَيْئًا) ؛ أَيْ: إِتْعَابَ نَفْسِهِ (فَلْيَحْجُجْ وَلْيَرْكَبْ) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعَدِّلُ نِيَّتَهُ عَنِ الْقُرْبَةِ لَزِمَهُ الْحَجُّ رَاكِبًا (وَلْيَحْجُجْ بِذَلِكَ الرَّجُلِ مَعَهُ) لِأَنَّ لَفْظَهُ اقْتَضَى إِحْجَاجَهُ (وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا أَحْمِلُكَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ) لَكِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إِرَادَةِ الرَّجُلِ (فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحُجَّ مَعَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ) بِسَبَبِ الرَّجُلِ وَلَمْ يَرِدْ أَنَّ الْحَجَّ يَسْقُطُ عَنْهُ (وَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: فَعَلَهُ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ: دَلَّتِ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ قَصَدَ الْمَشَقَّةَ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: " نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَاسْتَفْتَيْتُ لَهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لِتَمْشِ يَعْنِي مَا قَدَرَتْ وَلْتَرْكَبْ وَلَا شَيْءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>