أَبُو إِسْرَائِيلَ» وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ جَابِرٍ «كَانَ أَبُو إِسْرَائِيلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي فِهْرٍ فَنَذَرَ لَيَقُومَنَّ فِي الشَّمْسِ حَتَّى يُصَلِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ - الْجُمُعَةَ وَلَيَصُومَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ» .
قَالَ الْحَافِظُ: قِيلَ: اسْمُهُ قُشَيْرٌ بِقَافٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ مُصَغَّرٌ، وَقِيلَ: يَسِيرٌ بِتَحْتِيَّةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ مُصَغَّرٌ أَيْضًا، وَقِيلَ: قَيْصَرُ بِقَافٍ وَصَادٍ بِاسْمِ مَلِكِ الرُّومِ، وَقِيلَ: قَيْسَرُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ الصَّادِ، وَقِيلَ: قَيْصٌ بِغَيْرِ رَاءٍ فِي آخِرِهِ، وَفِي مُبْهَمَاتِ الْخَطِيبِ أَنَّهُ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَغَيْرُهُ: إِنَّهُ أَنْصَارِيٌّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَلَا يُشَارِكُهُ فِي كُنْيَتِهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ (قَائِمًا فِي الشَّمْسِ فَقَالَ: مَا بَالُ هَذَا؟) مَا حَالُهُ ( «فَقَالُوا: نَذَرَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ وَلَا يَسْتَظِلَّ مِنَ الشَّمْسِ وَلَا يَجْلِسَ وَيَصُومَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَجْلِسْ» ) لِأَنَّهُ لَا قُرْبَةَ فِي عَدَمِ الثَّلَاثَةِ (وَلْيُتِمَّ صِيَامَهُ) لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ.
(قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ يُسْمَعْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ بِكَفَّارَةٍ) فَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ عَلَيْهِ مَعَ تَرْكِ الْمَعْصِيَةِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ( «وَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُتِمَّ مَا كَانَ لِلَّهِ طَاعَةً» ) وَهُوَ الصِّيَامُ (وَيَتْرُكَ مَا كَانَ لِلَّهِ مَعْصِيَةً) ؛ أَيْ: مَا حُكْمُهُ حُكْمُهَا فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَلَا الْكَفَّارَةُ، وَإِلَّا فَالْقِيَامُ وَعَدَمُ الْكَلَامِ وَالِاسْتِظْلَالُ لَيْسَتْ مَعْصِيَةً لِذَاتِهَا إِذْ أَصْلُهَا مُبَاحٌ أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ: سَمَّاهُ مَعْصِيَةً وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مُبَاحًا لِأَنَّهُ إِذَا نَذَرَ كَانَ مَعْصِيَةً، إِذْ لَا يَحِلُّ نَذْرُ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَإِنْ فَعَلَهُ بِالنَّذْرِ عَصَى وَبِغَيْرِ نَذْرٍ مُبَاحٌ، وَأَيْضًا لِأَنَّهُ إِذَا بَلَغَ بِهِ حَدَّ الضَّرَرِ وَالْعَنَتِ كَانَ مَعْصِيَةً فُعِلَ بِنَذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ انْتَهَى.
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِي إِسْرَائِيلَ نَفْسِهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ جَابِرٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute