الْقُلُوبِ، قَالَ الرَّاغِبُ: تَقْلِيبُ اللَّهِ الْقُلُوبَ وَالْأَبْصَارَ صَرْفُهَا عَنْ رَأْيٍ إِلَى رَأْيٍ وَالتَّقْلِيبُ الصَّرْفُ سُمِّيَ قَلْبُ الْإِنْسَانِ قَلْبًا لِكَثْرَةِ تَقَلُّبِهِ، وَيُعَبَّرُ بِالْقَلْبِ عَنِ الْمَعَانِي الَّتِي تَخْتَصُّ بِهِ مِنَ الرُّوحِ وَالْعِلْمِ وَالشَّجَاعَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَبُو بَكْرٍ: الْقَلْبُ جُزْءٌ مِنَ الْبَدَنِ خَلَقَهُ اللَّهُ وَجَعَلَهُ لِلْإِنْسَانِ مَحَلَّ الْعِلْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ الْبَاطِنَةِ، وَجَعَلَ ظَاهِرَ الْبَدَنِ مَحَلَّ التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ وَالْقَوْلِيَّةِ، وَوَكَّلَ بِهَا مَلَكًا يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَشَيْطَانًا يَأْمُرُ بِالشَّرِّ، فَالْعَقْلُ بِنُورِهِ يَهْدِيهِ، وَالْهَوَى بِظُلْمَتِهِ يُغْوِيهِ، وَالْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ مُسَيْطِرٌ عَلَى الْكُلِّ، وَالْقَلْبُ يَتَقَلَّبُ بَيْنَ الْخَوَاطِرِ الْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ، وَالْمَحْفُوظُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذَا الْحَدِيثَ مَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ عَلَى مَنْ حَلَفَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فَحَنَثَ وَلَا نِزَاعَ فِي أَصْلِ ذَلِكَ، إِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي أَيِّ صِفَةٍ تَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ، وَالتَّحْقِيقُ اخْتِصَاصُهَا بِصِفَةٍ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ كَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute