سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدٍ عَنِ الْبَرَاءِ ثُمَّ أَسْنَدَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي التَّمْهِيدِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا لِسُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدٍ مُنْتَقَدٌ، فَقَدْ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَالْقَاسِمُ مَوْلَى خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدٍ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ.
وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ سُلَيْمَانَ رَوَاهُ عَنْ عُبَيْدٍ بِوَاسِطَةٍ هِيَ الْقَاسِمُ مَوْلَى خَالِدٍ وَبِدُونِهَا، وَصَرَّحَ سُلَيْمَانُ فِي بَعْضِ الْإِشَارَةِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ بِقَوْلِهِ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ فَيْرُوزٍ (عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبِ) بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ الْأَوْسِيِّ صَحَابِيٌّ ابْنُ صَحَابِيٍّ نَزَلَ الْكُوفَةَ اسْتُصْغِرَ يَوْمَ بَدْرٍ وَكَانَ لِدَةَ ابْنِ عُمَرَ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ ( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ مَاذَا يُتَّقَى مِنَ الضَّحَايَا» ) قَالَ الْبَاجِيُّ: دَلَّ هَذَا أَنَّ لِلضَّحَايَا صِفَاتٌ يُتَّقَى بَعْضُهَا، وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهَا يُتَّقَى مِنْهَا شَيْءٌ لَسُئِلَ هَلْ يُتَّقَى مِنَ الضَّحَايَا شَيْءٌ (فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَقَالَ أَرْبَعًا) تُتَّقَى وَفِي رِوَايَةٍ وَقَالَ: لَا يَجُوزُ مِنَ الضَّحَايَا أَرْبَعٌ (وَكَانَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ، فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو وَابْنِ لَهِيعَةَ بِسَنَدِهِمْ عَنِ الْبَرَاءِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ قَالَ وَأُصْبُعِي أَقْصَرُ مِنْ أُصْبُعِ رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ مِنَ الضَّحَايَا أَرْبَعٌ (الْعَرْجَاءُ) بِالْمَدِّ (الْبَيِّنُ) ؛ أَيِ: الظَّاهِرُ (ظَلْعُهَا) بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ؛ أَيْ: عَرَجُهَا وَهِيَ الَّتِي لَا تَلْحَقُ الْغَنَمَ فِي مَشْيِهَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تُجْزِي وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَرْجَاءَ تَجْرِي وَتَمْشِي وَالْعَرَجُ مِنْ صِفَاتِ الْمَشْيِ، وَأَمَّا الَّتِي لَا تَمْشِي فَلَا يُقَالُ لَهَا عَرْجَاءُ، فَإِنْ خَفَّ الْعَرَجُ فَلَمْ يَمْنَعْهَا أَنْ تَسِيرَ بِسَيْرِ الْغَنَمِ أَجْزَأَتْ كَمَا هُوَ مَفْهُومُ الْحَدِيثِ.
(وَالْعَوْرَاءُ) بِالْمَدِّ تَأْنِيثُ " أَعْوَرَ " (الْبَيِّنُ عَوَرُهَا) وَهُوَ ذَهَابُ بَصَرِ إِحْدَى عَيْنَيْهَا، فَإِنْ كَانَ بِهَا بَيَاضٌ قَلِيلٌ عَلَى النَّاظِرِ لَا يَمْنَعُهَا الْإِبْصَارَ أَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ النَّاظِرِ أَجْزَأَتْ، قَالَهُ مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ مَفْهُومُ الْحَدِيثِ.
(وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا) بِأَيِّ مَرَضٍ كَانَ بِشَرْطِ وُضُوحِهِ فَهُوَ عَامٌّ عَطَفَ عَلَيْهِ خَاصًّا بِقَوْلِهِ: (وَالْعَجْفَاءُ) بِالْمَدِّ مُؤَنَّثُ " أَعْجَفَ " الضَّعِيفَةُ (الَّتِي لَا تُنْقِي) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَإِسْكَانِ النُّونِ وَقَافٍ؛ أَيْ: لَا نُقْيَ لَهَا وَالنُّقَيُ الشَّحْمُ، وَكَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ.
وَفِي رِوَايَةِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ: وَالْكَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي يُرِيدُ الَّتِي لَا تَقُومُ وَلَا تَنْهَضُ مِنَ الْهُزَالِ، وَهَذِهِ الْعُيُوبُ الْأَرْبَعُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَمَا فِي مَعْنَاهَا دَاخِلٌ فِيهَا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ فِيهَا أَبْيَنَ، فَإِذَا لَمْ تُجْزِ الْعَوْرَاءُ وَالْعَرْجَاءُ فَالْعَمْيَاءُ وَالْمَقْطُوعَةُ الرِّجْلِ أَحْرَى، وَفِيهِ أَنَّ الْمَرَضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute