الْخِلَافِ فِي مَذْهَبِهِ لَمْ يَتِمَّ الدَّلِيلُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَحَلِّ النِّزَاعِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللَّمْسُ هُوَ الْجِمَاعُ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَفَّفَ وَكَنَّى عَنْهُ وَقَالَ: مَا أُبَالِي قَبَّلْتُ امْرَأَتَيْنِ أَوْ شَمَمْتُ رَيْحَانَةً، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٌ وَاحْتَجُّوا بِأَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ لَا حُجَّةَ فِيهَا، وَالْحُجَّةُ لَنَا أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَعْرِفُ مِنَ الْمُلَامَسَةِ إِلَّا لَمْسَ الْيَدِ، قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} [الأنعام: ٧] (سُورَةُ الْأَنْعَامِ: الْآيَةُ ٧) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا اللَّمْسُ» " وَمِنْهُ بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَقَدْ قُرِئَ: (أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ) وَحَمْلُهُ عَلَى التَّصْرِيحِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَنِ الْكِنَايَةِ.
«وَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ مَا يُصِيبُ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ إِلَّا الْجِمَاعَ فَقَالَ: " يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا حَسَنًا» "، وَحَدِيثُ «عَائِشَةَ: " فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَاطِنِ قَدَمِهِ وَهُوَ يُصَلِّي» " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ لَمْسٍ بِلَا لَذَّةٍ لَيْسَ مِنْ مَعْنَى الْآيَةِ.
وَجَعَلَ جُمْهُورُ السَّلَفِ الْقُبْلَةَ مِنَ الْمُلَامَسَةِ وَهِيَ بِغَيْرِ الْيَدِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَغْلَبِ بِالْيَدِ فَمَعْنَاهَا الْتِقَاءُ الْبَشَرَتَيْنِ، فَأَيُّ عُضْوٍ كَانَ مَعَ الشَّهْوَةِ فَهِيَ الْمُلَامَسَةُ الَّتِي عَنَى اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute