للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعَنِ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ» " انْتَهَى.

لَكِنَّ حُجَّةَ مَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيمَا عَقَّ بِهِ عَنِ الْحَسَنَيْنِ تَرَجَّحَ تَسَاوِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بِالْعَمَلِ وَالْقِيَاسِ عَلَى الْأُضْحِيَةِ.

(وَلَيْسَتِ الْعَقِيقَةُ بِوَاجِبَةٍ) كَالْأُضْحِيَةِ بِحُجَّةِ أَنَّ كُلًّا إِرَاقَةُ دَمٍ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَلَ ذَلِكَ إِلَى مَحَبَّةِ الْأَبِ فَلَوْ وَجَبَتْ مَا قَالَ ذَلِكَ.

(وَلَكِنَّهَا يُسْتَحَبُّ الْعَمَلُ بِهَا) اتِّبَاعًا لِلْفِعْلِ النَّبَوِيِّ وَحَمْلًا لِأَمْرِهِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ; لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْأَمْرَ إِذَا لَمْ يَصْلُحْ حَمْلُهُ عَلَى الْوُجُوبِ حُمِلَ عَلَى النَّدْبِ، وَقَالَ اللَّيْثُ وَأَبُو الزِّنَادِ وَدَاوُدُ: وَاجِبَةٌ.

(وَهِيَ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ النَّاسُ عِنْدَنَا) فَلَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ نَسْخَهَا وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا بِدْعَةٌ، إِذْ لَوْ نُسِخَتْ مَا عَمِلَ بِهَا الصَّحَابَةُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُسَمَّى وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ سَمُرَةَ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَأَعَلَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ، لَكِنْ فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْحَسَنَ سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ مِنْ سَمُرَةَ قَالَ الْحَافِظُ: فَكَأَنَّهُ عَنَى هَذَا، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مُرْتَهَنٌ أَيْ مُحْتَبَسٌ عَنِ الشَّفَاعَةِ لِوَالِدَيْهِ إِذَا مَاتَ طِفْلًا أَيْ فَشَبَّهَهُ فِي عَدَمِ انْفِكَاكِهِ مِنْهَا بِالرَّهْنِ فِي يَدِ مُرْتَهِنِهِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَهُوَ جَيِّدٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ شَفَاعَةَ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ لَيْسَتْ بِأَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ وَبِأَنَّهُ يُقَالُ لِمَنْ يَشْفَعُ لِغَيْرِهِ مُرْتَهَنٌ، فَالْأَوْلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْعَقِيقَةَ تَخْلِيصٌ لَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ الَّذِي طَعَنَهُ حِينَ خُرُوجِهِ مِنْ حَبْسِهِ لَهُ فِي أَسْرِهِ وَمَنْعِهِ لَهُ مِنْ سَعْيِهِ فِي مَصَالِحِ آخِرَتِهِ.

(فَمَنْ عَقَّ عَنْ وَلَدِهِ فَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ النُّسُكِ) الْهَدَايَا (وَالضَّحَايَا) فَتَجُوزُ بِالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ خِلَافًا لِمَنْ قَصَرَهَا عَلَى الْغَنَمِ لِوُرُودِ الشَّاةِ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ، لَكِنْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: " «يُعَقُّ عَنْهُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ» " (لَا يَجُوزُ فِيهَا عَوْرَاءُ) بِالْمَدِّ تَأْنِيثُ أَعْوَرَ (وَلَا عَجْفَاءُ) بِالْمَدِّ الضَّعِيفَةُ ( «وَلَا مَكْسُورَةٌ وَلَا مَرِيضَةٌ وَلَا يُبَاعُ مِنْ لَحْمِهَا شَيْءٌ وَلَا جِلْدِهَا وَيُكْسَرُ عِظَامُهَا» ) جَوَازًا تَكْذِيبًا لِلْجَاهِلِيَّةِ فِي تَحَرُّجِهِمْ مِنْ ذَلِكَ وَتَفْصِيلِهِمْ إِيَّاهَا مِنَ الْمَفَاصِلِ إِذْ لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ الِاتِّبَاعِ الْبَاطِلِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَنْ يَقُولُ فَائِدَتُهُ التَّفَاؤُلُ بِسَلَامَةِ الصَّبِيِّ وَبَقَائِهِ إِذْ لَا أَصْلَ لَهُ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا عَمَلٍ.

(وَيَأْكُلُ أَهْلُهَا مِنْ لَحْمِهَا وَيَتَصَدَّقُونَ مِنْهَا وَلَا يُمَسُّ الصَّبِيُّ بِشَيْءٍ مِنْ دَمِهَا) أَيْ يُكْرَهُ لِخَبَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>