للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْكَلَالَةِ، وَالِاسْتِفْتَاءُ طَلَبُ الْفَتْوَى، يُقَالُ اسْتَفْتَيْتُ الرَّجُلَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَأَفْتَانِي فَتْوَى وَفُتْيَا وَهُمَا اسْمَانِ وُضِعَا مَوْضِعَ الْإِفْتَاءِ، وَيُقَالُ أَفْتَيْتُ فُلَانًا فِي رُؤْيَا رَآهَا قَالَ تَعَالَى: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} [يوسف: ٤٦] [سُورَةُ يُوسُفَ: الْآيَةُ ٤٦] وَمَعْنَى الْإِفْتَاءِ إِظْهَارُ الْمُشْكَلِ {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: ١٧٦] مُتَعَلِّقٌ بِـ " يُفْتِيكُمْ " عَلَى إِعْمَالِ الثَّانِي وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبَصْرِيِّينَ وَلَوْ أَعْمَلَ الْأَوَّلَ لَأَضْمَرَ فِي الثَّانِي، وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: ١٩] [سُورَةُ الْحَاقَّةِ: الْآيَةُ ١٩] وَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «قَالَ رَجُلٌ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَلَالَةُ؟ قَالَ: مَنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا فَوَرَثَتُهُ كَلَالَةٌ» " {إِنِ امْرُؤٌ} [النساء: ١٧٦] مَرْفُوعٌ بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ {هَلَكَ} [النساء: ١٧٦] مَاتَ {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] رُفِعَ عَلَى الصِّفَةِ أَيْ هَلَكَ امْرُؤٌ غَيْرُ ذِي وَلَدٍ أَيِ ابْنٍ، وَإِنْ وَقَعَ وَلَدٌ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّ الِابْنَ يُسْقِطُ الْأُخْتَ وَلَا تُسْقِطُهَا الْبِنْتُ {وَلَهُ أُخْتٌ} [النساء: ١٧٦] شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ {فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: ١٧٦] الْمَيِّتُ وَالْفَاءُ جَوَابُ إِنْ. {وَهُوَ يَرِثُهَا} [النساء: ١٧٦] جُمْلَةٌ اسْتِئْنَافِيَّةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ دَالَّةٌ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ وَلَيْسَتْ جَوَابًا خِلَافًا لِلْكُوفِيِّينَ وَأَبِي زَيْدٍ، وَالضَّمِيرَانِ عَائِدَانِ عَلَى لَفْظِ (امْرُؤٌ وَأُخْتٌ) دُونَ مَعْنَاهُمَا فَهُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ:

وَكُلُّ أُنَاسٍ قَارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ وَنَحْنُ خَلَعْنَا قَيْدَهُ فَهُوَ سَارِبُ

وَالْهَالِكُ لَا يَرِثُ فَالْمَعْنَى وَامْرُؤٌ آخَرُ غَيْرُ الْهَالِكِ يَرِثُ أُخْتًا لَهُ أُخْرَى. {إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] ذَكَرٌ فَإِنْ كَانَ فَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلِلْأَخِ مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِ الْبَنَاتِ وَهَذَا فِي الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ أَوْ لِلْأَبِ، فَإِنْ كَانَ لِأُمٍّ فَفَرْضُهُ السُّدُسُ كَمَا فِي أَوَّلِ السُّورَةِ {فَإِنْ كَانَتَا} [النساء: ١٧٦] أَيِ الْأُخْتَانِ {اثْنَتَيْنِ} [النساء: ١٧٦] أَيْ فَصَاعِدًا لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي جَابِرٍ، وَقَدْ كَانَ لَهُ أَخَوَاتٌ {فَلَهُمَا} [النساء: ١٧٦] أَوْ لَهُنَّ {الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: ١٧٦] الْمَيِّتُ {وَإِنْ كَانُوا} [النساء: ١٧٦] أَيِ الْوَرَثَةُ بِالْأُخُوَّةِ {إِخْوَةً} [النساء: ١٧٦] وَأَخَوَاتٍ فَغَلَّبَ الْمُذَكَّرَ {رِجَالًا وَنِسَاءً} [النساء: ١٧٦] ذُكُورًا وَإِنَاثًا {فَلِلذَّكَرِ} [النساء: ١٧٦] مِنْهُمْ {مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦] حَذَفَ " مِنْهُمْ " لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ} [النساء: ١٧٦] شَرَائِعَ دِينِكُمْ {أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: ١٧٦] مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ كَرَاهَةَ أَنْ تَضِلُّوا فِي حُكْمِهَا كَذَا قَدَّرَ الْمُبَرِّدُ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: " لَا " مَحْذُوفَةٌ بَعْدَ " أَنْ "، وَالتَّقْدِيرُ لِئَلَّا تَضِلُّوا، قَالُوا: وَحَذْفُ " لَا " سَائِغٌ ذَائِعٌ.

{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: ١٧٦] يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ بِكُنْهِهَا قَبْلَ كَوْنِهَا وَبَعْدَهُ وَمِنْهُ الْمِيرَاثُ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ الْبَرَاءِ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ النِّسَاءِ: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: ١٧٦] [سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ ١٧٦] أَيْ مِنَ الْفَرَائِضِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>