وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ إِنَّمَا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ قَالَ فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا نَصِيبَنَا مِنْ الشِّعْبِ
ــ
١١٠٥ - ١٠٨٢ - (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) الْمُلَقَّبِ بِزَيْنِ الْعَابِدِينَ الْمَدْفُونِ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ عَمِّهِ الْحَسَنِ وَجَدَّتِهِ فَاطِمَةَ وَمَا يُذْكَرُ مِنْ مَشْهَدِهِ لَمْ يَصِحَّ (أَنَّهُ أَخْبَرَهُ إِنَّمَا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ) عَبْدَ مَنَافٍ، أَوِ اسْمُهُ وَكُنْيَتُهُ وَاحِدٌ وَشَذَّ مَنْ قَالَ اسْمُهُ عِمْرَانُ بَلْ هُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ (عَقِيلٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ الصَّحَابِيُّ، تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ إِلَى الْفَتْحِ وَقِيلَ أَسْلَمَ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ وَهَاجَرَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ (وَطَالِبٌ) الَّذِي يُكَنَّى بِهِ، وَمَاتَ كَافِرًا قَبْلَ بَدْرٍ لِأَنَّهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ وَقْتَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ (وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ) وَلَا جَعْفَرٌ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ كَمَا جَاءَ التَّعْلِيلُ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ.
(قَالَ) عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ: (فَلِذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ (تَرَكْنَا نَصِيبَنَا) أَيْ حِصَّةَ جَدِّهِمْ عَلِيٍّ مِنْ أَبِيهِ أَبِي طَالِبٍ (مِنَ الشِّعْبِ) بِكَسْرٍ فَإِسْكَانٍ، كَانَ مَنْزِلُ بَنِي هَاشِمٍ غَيْرَ مَسَاكِنِهِمْ، كَانَ لِهَاشِمٍ ثُمَّ صَارَ لِابْنِهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَسَّمَهُ عَبْدُ الْمُطَّلَبِ بَيْنَ بَنِيهِ حِينَ ضَعُفَ بَصَرُهُ وَصَارَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَظُّ أَبِيهِ، كَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ، مَعَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، فَلَعَلَّ أَعْمَامَ الْمُصْطَفَى جَعَلُوا لَهُ حَظَّ أَبِيهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، فَيَكُونُ ابْتِدَاءً عَطِيَّةً مِنْ أَعْمَامِهِ، أَوْ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ قَسَّمَهُ فِي حَيَاةِ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا مَاتَ صَارَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَظُّ أَبِيهِ، وَهَذَا عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُوَافِقُونَ شَرْعَنَا وَإِلَّا فَلَا إِشْكَالَ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ هَذَا الْحُكْمِ مِنْ أَوَائِلِ الْإِسْلَامِ لِمَوْتِ أَبِي طَالِبٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْهِجْرَةَ لَمَّا وَقَعَتِ اسْتَوْلَى عَقِيلٌ وَطَالِبٌ عَلَى مَا خَلَّفَهُ أَبُو طَالِبٍ وَكَانَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَا خَلَّفَهُ أَبُو النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ شَقِيقُهُ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِ جَدِّهِ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ ثُمَّ وَقَعَتِ الْهِجْرَةُ وَلَمْ يُسْلِمْ طَالِبٌ وَتَأَخَّرَ إِسْلَامُ عَقِيلٍ اسْتَوْلَيَا عَلَى مَا خَلَّفَ أَبُو طَالِبٍ وَمَاتَ طَالِبٌ قَبْلَ بَدْرٍ وَتَأَخَّرَ عَقِيلٌ، فَلَمَّا تَقَرَّرَ حُكْمُ الْإِسْلَامِ بِتَرْكِ تَوْرِيثِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَافِرِ اسْتَمَرَّ ذَلِكَ بِيَدِ عَقِيلٍ وَكَانَ عَقِيلٌ قَدْ بَاعَ تِلْكَ الدُّورَ كُلَّهَا وَأَقَرَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِيلًا عَلَى مَا يَخُصُّهُ هُوَ تَفْضِيلًا عَلَيْهِ أَوِ اسْتِمَالَةً تَأْلِيفًا أَوْ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا تُصَحَّحُ أَنْكِحَتُهُمْ.
وَحَكَى الْفَاكِهِيُّ أَنَّ الدَّارَ لَمْ تَزَلْ بِيَدِ أَوْلَادِ عَقِيلٍ حَتَّى بَاعُوهَا لِمُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَخِي الْحَجَّاجِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute