- (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَقُولُونَ: إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ) أَيْ مَوْضِعُ الْقَطْعِ مِنَ الذَّكَرِ (الْخِتَانَ) أَيْ مَوْضِعَهُ مِنْ فَرْجِ الْأُنْثَى وَهُوَ مُشَاكَلَةٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُسَمَّى خِفَاضًا لُغَةً كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " اخْفِضِي " (فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ) وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ، وَالْمُرَادُ بِالْمَسِّ وَالِالْتِقَاءِ فِي خَبَرِ: إِذَا الْتَقَى الْمُجَاوَزَةُ، كَرِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظِ: إِذَا جَاوَزَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْمَسِّ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَ غَيْبَةِ الْحَشَفَةِ، فَلَوْ وَقَعَ مَسٌّ بِلَا إِيلَاجٍ لَمْ يَجِبِ الْغُسْلُ بِالْإِجْمَاعِ، وَصَدَّرَ الْإِمَامُ بِهَذَا الْخَبَرِ إِشَارَةٌ لِدَفْعِ مَا رَوَاهُ «زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ: " أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ فَلَمْ يُمْنِ قَالَ عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ، سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ زَيْدٌ: فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ» " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ فَقَالُوا بِمِثْلِ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدِيثٌ مَعْلُولٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ الْفَتْوَى بِخِلَافِ هَذَا الْحَدِيثِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: إِنَّهُ شَاذٌّ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَمُحَالٌ أَنْ يَسْمَعُوا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِسْقَاطَ الْغُسْلِ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ ثُمَّ يُفْتُوا بِإِيجَابِهِ.
وَأَجَابَ الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْحَدِيثَ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ اتِّصَالِ إِسْنَادِهِ وَحِفْظِ رُوَاتِهِ وَلَيْسَ هُوَ فَرْدًا وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ إِفْتَاؤُهُمْ بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ نَاسِخُهُ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ، فَكَمْ مِنْ حَدِيثٍ مَنْسُوخٍ وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ الصِّنَاعَةِ الْحَدِيثِيَّةِ.
وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى نَسْخِهِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: " «إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» " وَبِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا «عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَقُولُونَ: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ رُخْصَةٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ بِهَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ» ، صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا، قَالَ الْحَافِظُ: عَلَى أَنَّ حَدِيثَ الْغُسْلِ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ أَرْجَحُ لِأَنَّهُ بِالْمَنْطُوقِ مِنْ حَدِيثِ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ لِأَنَّهُ بِالْمَفْهُومِ أَوْ بِالْمَنْطُوقِ أَيْضًا لَكِنَّ ذَاكَ أَصْرَحُ مِنْهُ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَمَلَ حَدِيثَ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ عَلَى صُورَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ مَا يَقَعُ فِي الْمَنَامِ مِنْ رُؤْيَةِ الْجِمَاعِ وَهُوَ تَأْوِيلٌ يَجْمَعُ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute