الْعَسَلِ وَحَلَاوَتِهِ فَاسْتَعَارَ لَهَا ذَوْقًا وَأَنَّثَ الْعَسَلَ فِي التَّصْغِيرِ لِأَنَّهُ يُذَكَّرُ، وَيُؤَنَّثُ أَيْ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَسَلِ، أَوْ عَلَى إِرَادَةِ اللَّذَّةِ لِتَضَمُّنِهِ ذَلِكَ، وَوَحَّدَهُ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ إِلَّا بِوَطْءٍ مُتَعَدِّدٍ، وَضُعِّفَ زَعْمُ أَنَّ التَّأْنِيثَ عَلَى إِرَادَةِ النُّطْفَةِ بِأَنَّ الْإِنْزَالَ لَا يُشْتَرَطُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَشَذَّ الْحَسَنُ فَقَالَ: الْعُسَيْلَةُ الْإِنْزَالُ رَعْيًا لِمَعْنَى الْعُسَيْلَةِ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: فِي قَوْلِهِ " لَا حَتَّى. . . إِلَخْ " وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: إِنْ كَانَ كَمَا وَصَفَتْ فَلَا سَبِيلَ إِلَى ذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ فَلَا تَحِلُّ لِلَّذِي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا.
وَالثَّانِي: إِنْ كَانَ يُرْجَى ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ طَمَعًا أَنْ يَكُونَ، وَرُبَّمَا كَانَ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مَغِيبُ الْحَشَفَةِ هُوَ الْعُسَيْلَةُ، وَأَمَّا الْإِنْزَالُ فَهُوَ الدُّبَيْلَةُ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ فِي لَذَّةِ الْمُلَاعَبَةِ فَإِذَا أَوْلَجَ فَقَدَ عَسَّلَ ثُمَّ يَتَعَاطَى بَعْدَ ذَلِكَ مَا فِيهِ عُلُوُّ نَفَسِهِ وَإِتْعَابُ نَفْسِهِ وَنَزْفُ دَمِهِ وَإِضْعَافُ أَعْضَائِهِ فَهُوَ إِلَى الدُّبَيْلَةِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الْعُسَيْلَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِلَذَّةٍ وَخَتَمَ بِأَلَمٍ.
قَالَ الْأُبِّيُّ: وَهَذَا مِنْهُ ذَهَابٌ إِلَى أَنَّ مَا قَبْلَ الْإِنْزَالِ أَمْتَعُ مِنْ سَاعَةِ الْإِنْزَالِ.
قَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَرَفَةَ: مَنْ لَهُ ذَوْقٌ يَعْرِفُ ذَلِكَ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: سَاعَةُ الْإِنْزَالِ أَلَذُّ لَذَّاتِ الدُّنْيَا، وَإِنْ دَامَتْ قَتَلَتْ وَهُوَ يَنْحُو إِلَى قَوْلِ الْحَسَنِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنَحْوِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute