دُرَيْدٍ: كَانَ وَهْبٌ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ: لَهُ قَلْبَانِ مِنْ شِدَّةِ حِفْظِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: ٤] (سُورَةُ الْأَحْزَابِ: الْآيَةُ ٤) فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أَقْبَلَ مُنْهَزِمًا وَنَعْلَاهُ وَاحِدَةٌ فِي يَدِهِ وَالْأُخْرَى فِي رِجْلِهِ، فَقَالُوا: مَا فَعَلَ النَّاسُ؟ قَالَ: هُزِمُوا، فَقَالُوا: فَأَيْنَ نَعْلَاكَ؟ قَالَ: فِي رِجْلِي، قَالُوا: فَمَا فِي يَدِكَ؟ فَقَالَ: مَا شَعَرْتُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَلْبَانِ ( «بِرِدَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَانًا لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَضِيَ أَمْرًا قَبِلَهُ وَإِلَّا سَيَّرَهُ شَهْرَيْنِ» ) أَنْظَرَهُ فِيهِمَا لِيَتَرَوَّى، قَالَ فِي الْإِصَابَةِ: الْمَعْرُوفُ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ، أَيِ الْبَعْثَ بِالرِّدَاءِ وَالْأَمَانِ، كَانَتْ لِأَبِي وَهْبٍ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ كَمَا ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي (فَلَمَّا قَدِمَ صَفْوَانُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرِدَائِهِ نَادَاهُ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ) جَهْرًا (فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ هَذَا وَهْبَ) بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ (ابْنَ عُمَيْرٍ جَاءَنِي بِرِدَائِكَ، وَزَعَمَ أَنَّكَ دَعَوْتَنِي إِلَى الْقُدُومِ عَلَيْكَ فَإِنْ رَضِيتُ) بِضَمِّ التَّاءِ (أَمْرًا) أَيِ الْإِسْلَامَ (قَبِلْتَهُ وَإِلَّا سَيَّرْتَنِي شَهْرَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: انْزِلْ أَبَا وَهْبٍ) كُنْيَةُ صَفْوَانَ، خَاطَبَهُ بِهَا تَعْظِيمًا وَاسْتِئْلَافًا مَعَ أَنَّ صَفْوَانَ خَاطَبَهُ بِاسْمِهِ فَأَغْضَى عَنْ ذَلِكَ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] (سُورَةُ الْقَلَمِ: الْآيَةُ ٤) (فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَنْزِلُ حَتَّى تُبَيِّنَ لِي) هَلْ خَبَرُ وَهْبٍ كَمَا قَالَ أَمْ لَا؟ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بَلْ لَكَ تَسْيِيرُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) فَزَادَهُ شَهْرَيْنِ عَلَى مَا بُعِثَ بِهِ إِلَيْهِ تَفَضُّلًا وَزِيَادَةً فِي الِاسْتِئْلَافِ (فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ (قِبَلَ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، جِهَةَ (هَوَازِنَ) قَبِيلَةٌ كَبِيرَةٌ فِيهَا عِدَّةُ بُطُونٍ يُنْسَبُونَ إِلَى هَوَازِنَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ، بِمُعْجَمَةٍ فَمُهْمَلَةٍ فَفَاءٍ مَفْتُوحَاتٍ، ابْنِ قَيْسِ عَيْلَانَ، بِمُهْمَلَةٍ، ابْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ (بِحُنَيْنٍ) وَادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ (فَأَرْسَلَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يَسْتَعِيرُ) أَيْ مِنْهُ (أَدَاةً) كَتُرْسٍ وَخُودَةٍ (وَسِلَاحًا عِنْدَهُ فَقَالَ) صَفْوَانُ (أَطَوْعًا أَمْ كَرْهًا؟ فَقَالَ: بَلْ طَوْعًا) وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ: " «أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: بَلْ عَارِيَةً، مَضْمُونَةً، حَتَّى نَرُدَّهَا إِلَيْكَ، فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute