الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَكَذَا حَتَّى عَدَّ خِصَالَ الْإِسْلَامِ، قَالَ: مَا دَعَوْتَ إِلَّا إِلَى خَيْرٍ وَأَمْرٍ جَمِيلٍ، قَدْ كُنْتَ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَدْعُوَنَا وَأَنْتَ أَصْدَقُنَا حَدِيثًا وَأَبَرُّنَا، ثُمَّ قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي خَيْرَ شَيْءٍ أَقُولُهُ، قَالَ: تَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: تَقُولُ أُشْهِدُ اللَّهَ وَأُشْهِدُ مَنْ حَضَرَنِي أَنِّي مُسْلِمٌ مُجَاهِدٌ مُهَاجِرٌ، فَقَالَ ذَلِكَ عِكْرِمَةُ» ". وَفِي فَوَائِدِ يَعْقُوبَ الْحَصَّاصِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا: " «رَأَيْتُ لِأَبِي جَهْلٍ عِذْقًا فِي الْجَنَّةِ فَلَمَّا أَسْلَمَ عِكْرِمَةُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا أُمَّ سَلَمَةَ هُوَ هَذَا» ". (فَثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا ذَلِكَ) إِلَى أَنْ خَرَجَتْ أُمُّ حَكِيمٍ مَعَهُ إِلَى غَزْوِ الرُّومِ فَاسْتُشْهِدَ، فَتَزَوَّجَهَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ الصَّفْرَاءِ أَرَادَ خَالِدُ الْبِنَاءَ بِهَا فَقَالَتْ لَهُ: لَوْ تَأَخَّرْتَ حَتَّى يَهْزِمَ اللَّهُ هَذِهِ الْجُمُوعَ، فَقَالَ: إِنَّ نَفْسِي تُحَدِّثُنِي أَنْ أُقْتَلَ، قَالَتِ: ادْنُ، فَدَنَا مِنْهَا فَأَعْرَسَ بِهَا عِنْدَ الْقَنْطَرَةِ فَعُرِّفَتْ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَقِيلَ: قَنْطَرَةُ أُمِّ حَكِيمٍ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَأَوْلَمَ عَلَيْهَا فَمَا فَرَغُوا مِنَ الطَّعَامِ حَتَّى وَافَتْهُمُ الرُّومُ وَوَقَعَ الْقِتَالُ فَاسْتُشْهِدَ خَالِدٌ، فَشَدَّتْ أُمُّ حَكِيمٍ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا وَتَبَذَّلَتْ وَإِنَّ عَلَيْهَا لَأَثَرُ الْخَلُوقِ، فَاقْتَتَلُوا عَلَى النَّهْرِ فَقَتَلَتْ أُمُّ حَكِيمٍ يَوْمَئِذٍ بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ الَّذِي أَعْرَسَ بِهِ خَالِدٌ عَلَيْهَا سَبْعَةً مِنَ الرُّومِ، ذَكَرَهُ فِي الِاسْتِيعَابِ.
(قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ قَبْلَ امْرَأَتِهِ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا) إِذَا لَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةً (إِذَا عَرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَلَمْ تُسْلِمْ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] نَهَى عَنِ اسْتِدَامَةِ نِكَاحِهِنَّ، فَقِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِالْمُشْرِكَاتِ اللَّاتِي كَانَتْ بِمَكَّةَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ عَامٌّ ثُمَّ خُصَّ مِنْهُ الْكِتَابِيَّاتُ، وَسَبَبُ النُّزُولِ يَرُدُّهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ} [الممتحنة: ١٠] (سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةِ: الْآيَةُ ١٠) فَإِنَّ مَعْنَاهُ طَلَبُ مَهْرِهِنَّ مِنَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ فَرَرْنَ إِلَيْهِمْ: {وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: ١٠] (سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةِ: الْآيَةُ ١٠) أَيْ يَطْلُبُ الْكُفَّارُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَهْرَ مَنْ فَرَّتْ إِلَيْهِمْ مُسْلِمَةً، كَذَا فِي الْإِكْلِيلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَإِنْ كَانَتْ صُورَةُ السَّبَبِ قَطْعِيَّةَ الدُّخُولِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَلَا يَرُدُّهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ} [الممتحنة: ١٠] فَإِنَّهُ بَيَانٌ لِحُكْمِ مَنْ وَرَدَتِ الْآيَةُ بِسَبَبِهِنَّ، فَلَا يُخَالَفُ الِاسْتِدْلَالَ بِعُمُومِهَا عَلَى حُرْمَةِ إِمْسَاكِ الْكَوَافِرِ، كَمَا فَعَلَ مَالِكٌ خَصَّ مِنْهُ الْكِتَابِيَّاتِ لِآيَةِ الْمَائِدَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute