للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبَاهُ كَانَ يُلَقَّبُ أَشْقَرَ أَوْ أَبْيَضَ، وَفِي الصَّحَابَةِ عُوَيْمِرُ ابْنُ أَشْقَرَ آخَرُ مَازِنِيٌّ، رَوَى لَهُ ابْنُ مَاجَهْ حَدِيثًا فِي الْأَضَاحِي (جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ) بْنِ الْجَدِّ بْنِ الْعَجْلَانِيِّ (الْأَنْصَارِيِّ) شَهِدَ أُحُدًا، مَاتَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَقَدْ جَازَ الْمِائَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ وَالِدِ عُوَيْمِرٍ، زَادَ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ: وَكَانَ، أَيْ عَاصِمٌ، سَيِّدُ بَنِي عَجْلَانَ (فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَاصِمٍ أَرَأَيْتَ رَجُلًا) أَيْ أَخْبِرْنِي عَنْ حُكْمِ رَجُلٍ (وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا) أَجْنَبِيًّا مِنْهَا (أَيَقْتُلُهُ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ الِاسْتِخْبَارِيِّ أَيْ أَيَقْتُلُ الرَّجُلَ؟ (فَتَقْتُلُونَهُ؟) قِصَاصًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] (سُورَةُ الْمَائِدَةِ: الْآيَةُ ٤٥) وَلِمُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَإِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ؟ ". وَلَهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " إِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، وَإِنْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ ". وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا نَزَلَ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] (سُورَةُ النُّورِ: الْآيَةُ ٤) الْآيَةُ، قَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ: إِنْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَّا بَيْتَهُ فَرَأَى رَجُلًا عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِهِ، فَإِنْ جَاءَ بِأَرْبَعَةِ رِجَالٍ يَشْهَدُونَ بِذَلِكَ فَقَدْ قَضَى الرَّجُلُ حَاجَتَهُ وَذَهَبَ، وَإِنْ قَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ قَالَ وَجَدْتُ فُلَانًا مَعَهَا ضُرِبَ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ. (أَمْ كَيْفَ) مَفْعُولٌ بِهِ لِقَوْلِهِ: (يَفْعَلُ) أَيْ: أَيَّ شَيْءٍ يَفْعَلُ؟ وَأَمْ تَحْتَمِلُ الِاتِّصَالَ، يَعْنِي إِذَا رَأَى الرَّجُلُ هَذَا الْمُنْكَرَ الشَّنِيعَ وَالْأَمْرَ الْفَظِيعَ وَثَارَتْ عَلَيْهِ الْغَيْرَةُ، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ يَصْبِرُ عَلَى ذَلِكَ الشَّنَآنِ وَالْعَارِ؟ وَيُحْتَمَلُ الِانْقِطَاعُ سَأَلَ أَوَّلًا عَنِ الْقَتْلِ مَعَ الْقِصَاصِ ثُمَّ أَضْرَبَ عَنْهُ إِلَى سُؤَالٍ آخَرَ ; لِأَنَّ (أَمِ) الْمُنْقَطِعَةَ مُتَضَمِّنَةٌ لِمَا يَلِي الْهَمْزَةَ، وَالْهَمْزَةُ تَسْتَأْنِفُ كَلَامًا آخَرَ، الْمَعْنَى: أَيَصْبِرُ عَلَى الْعَارِ أَوْ يُحْدِثُ اللَّهُ لَهُ أَمْرًا آخَرَ؟ لِذَا قَالَ: (سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ، فَسَأَلَ عَاصِمٌ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَذَا فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ بِحَذْفِ الْمَقُولِ لِدَلَالَةِ السَّابِقِ عَلَيْهِ (فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسَائِلَ) الْمَذْكُورَةَ، (وَعَابَهَا) قَالَ عِيَاضٌ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَرِهَ قَذْفَ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ لِاعْتِقَادِهِ الْحَدَّ ; لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ حُكْمِ اللِّعَانِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ: «الْبَيِّنَةُ أَوِ الْحَدُّ فِي ظَهْرِكَ» ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَرِهَ السُّؤَالَ لِقُبْحِ النَّازِلَةِ وَهَتْكِ سِتْرِ الْمُسْلِمِ، أَوْ لِمَا كَانَ نَهَى عَنْهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَقَدْ نَهَى عَنْ كَثْرَتِهِ سَدًّا لِبَابِ سُؤَالِ أَهْلِ التَّشْغِيبِ، أَوْ لِمَا فِي كَثْرَتِهِ مِنَ التَّضْيِيقِ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي لَوْ سَكَتُوا عَنْهَا لَمْ تَلْزَمْهُمْ وَتُرِكَتْ لِاجْتِهَادِهِمْ فِيهَا كَمَا قَالَ: «اتْرُكُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ أَنْبِيَاءَهُمْ» . وَلِقَوْلِهِ: «أَعْظَمُ النَّاسِ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَمَّا لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» . قَالَ الْمَازَرِيُّ: أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْمَسَائِلُ مُضْطَرًّا إِلَيْهَا فَلَا بَأْسَ بِالسُّؤَالِ عَنْهَا وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>