نَافِعٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا نَحْوَهُ، وَتَابَعَهُ فِي شَيْخِهِ نَافِعٍ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِنَحْوِهِ.
(قَالَ مَالِكٌ: قَالَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ} [النور: ٦] يَقْذِفُونَ (أَزْوَاجَهُمْ) بِالزِّنَا {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ} [النور: ٦] يَشْهَدُونَ عَلَى تَصْدِيقِ قَوْلِهِمْ (إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) بِالرَّفْعِ بَدَلٌ مِنْ " شُهَدَاءُ " أَوْ نَعْتٌ عَلَى أَنَّ " إِلَّا " بِمَعْنَى غَيْرِ (فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ) مُبْتَدَأٌ {أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ} [النور: ٦] نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ {بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٦] فِيمَا رَمَى بِهِ زَوْجَتَهُ مِنَ الزِّنَا {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: ٧] فِي ذَلِكَ، وَخَبَرُ الْمُبْتَدَأِ " تَدْرَأُ عَنْهُ الْعَذَابَ " أَيْ حَدَّ الْقَذْفِ، وَقَرَأَ الْأَخَوَانُ وَحَفْصٌ بِرَفْعِ " أَرْبَعُ " عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ " فَشَهَادَةُ " كَمَا فِي السَّمِينِ (وَيَدْرَأُ) أَيْ يَدْفَعُ (عَنْهَا الْعَذَابَ) أَيْ حَدَّ الزِّنَا إِنْ لَمْ تَحْلِفْ {أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمَنِ الْكَاذِبِينَ} [النور: ٨] فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنَ الزِّنَا {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٩] فِي ذَلِكَ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ: لَفْظُ " أَشْهَدُ " فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ بِمَعْنَى أَحْلِفُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَأَشْهَدُ عِنْدَ اللَّهِ أَنِّي أُحِبُّهَا ... فَهَذَا لَهَا عِنْدِي فَمَا عِنْدَهَا لِيَا.
وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، أَعْنِي أَنَّ شَهَادَاتِ اللِّعَانِ أَيْمَانٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: شَهَادَاتٌ حَقِيقَةً مِنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا، وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ: هَلْ يَتَلَاعَنُ الْفَاسِقَانِ وَالْعَبْدَانِ؟ فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ يَصِحُّ وَعِنْدَهُ لَا يَصِحُّ، وَأَمَّا الْمُقْسَمُ بِهِ فَهُوَ لَفْظُ اللَّهِ دُونَ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ لِنَصِّ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ، وَذَكَرَ عِيَاضٌ الْخِلَافَ هَلْ يَزِيدُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ. اهـ. الْقَوْلُ بِالِاقْتِصَارِ نَصُّ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِالزِّيَادَةِ قَوْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ نَصُّ الْقُرْآنِ وَلِأَنَّ فِي الْبُخَارِيِّ أَمْرَهُمَا أَنْ يَتَلَاعَنَا بِمَا فِي الْقُرْآنِ.
(قَالَ مَالِكٌ: السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُتَلَاعِنَيْنِ لَا يَتَنَاكَحَانِ أَبَدًا) بَلْ يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَبْدَى لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَائِدَةً، وَهِيَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ مَلْعُونٌ مَعَ غَيْرِ مَلْعُونٍ، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَلْعُونٌ فِي الْجُمْلَةِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ غَيْرَ الْمُلَاعِنِ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ، وَعُورِضَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَامْتَنَعَ عَلَيْهِمَا مَعًا التَّزْوِيجُ؛ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ أَنَّ أَحَدَهُمَا مَلْعُونٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ افْتِرَاقًا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute