للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحَوْضِ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْقُرْءَ مَهْمُوزٌ وَهَذَا لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أَصْلُ الْقَرْءِ الْوَقْتُ، يُقَالُ: أَقَرَأَتِ النُّجُومُ إِذَا طَلَعَتْ لِوَقْتِهَا. وَقَالَ عِيَاضٌ: اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَاللُّغَوِيِّينَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ هَلْ هُوَ الْحَيْضُ أَوِ الطُّهْرُ أَوْ مُشْتَرَكٌ؟ فَتَكُونُ حَقِيقَةً فِيهِمَا أَوْ حَقِيقَةً فِي الْحَيْضِ مَجَازًا فِي الطُّهْرِ، أَوِ الْمُرَادُ بِهِ الِانْتِقَالُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ دُونَ كَوْنِهِ اسْمًا لِلطُّهْرِ أَوِ الْحَيْضِ، فَمَعْنَى " {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] " ثَلَاثُ انْتِقَالَاتٍ، وَإِذَا عُلِمَ مَا هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْهُ اتَّضَحَ فَقِيلَ: مِنَ الْوَقْتِ، فَيَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ، وَقِيلَ: مِنَ الْجَمْعِ، فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأَطْهَارِ، وَقِيلَ: مِنْ الِانْتِقَالِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، فَيَكُونُ ظَاهِرًا فِي الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ جَمِيعًا، لَكِنَّ الثَّلَاثَ انْتِقَالَاتٍ إِنَّمَا تَسْتَقِيمُ بِالِانْتِقَالِ مِنَ الطُّهْرِ إِلَى الْحَيْضِ لَا عَكْسِهِ ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ لَا يَجُوزُ، وَيُعَضِّدُهُ أَنَّ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ إِنَّمَا تُعْرَفُ بِالِانْتِقَالِ مِنَ الطُّهْرِ إِلَى الْحَيْضِ، وَلِذَا كَانَ اسْتِبْرَاءُ الْإِمَاءِ بِالْحَيْضِ لِأَنَّ مَجِيئَهُ غَالِبًا دَلِيلٌ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَلَا يَدُلُّ مَجِيءُ الطُّهْرِ عَلَى بَرَاءَتِهِ إِذْ قَدْ تَحْمِلُ فِي آخِرِ حَيْضِهَا، فَكَانَتِ الثَّلَاثُ فِي الْحَرَائِرِ كَالْوَاحِدَةِ فِي اسْتِبْرَاءِ الْإِمَاءِ إِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَمُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ حَسَنٌ دَقِيقٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>