وَاللَّهِ لَا آوِيكِ) أَضُمُّكِ إِلَيَّ (وَلَا تَحِلِّينَ أَبَدًا) لِغَيْرِي (فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - " الطَّلَاقُ ") أَيِ التَّطْلِيقُ الَّذِي يُرَاجِعُ بَعْدَهُ (مَرَّتَانِ) أَيْ ثِنْتَانِ (فَإِمْسَاكٌ) فَعَلَيْكُمْ إِمْسَاكُهُنَّ بَعْدَهُ (بِمَعْرُوفٍ) مِنْ غَيْرِ ضِرَارٍ (أَوْ تَسْرِيحٌ) إِرْسَالٌ لَهُنَّ (بِإِحْسَانٍ، فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الطَّلَاقَ جَدِيدًا مِنْ يَوْمِئِذٍ) أَيْ مِنْ يَوْمِ نُزُولِ الْآيَةِ (مَنْ كَانَ طَلَّقَ مِنْهُمْ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْ) وَهَذَا مُرْسَلٌ، تَابَعَ مَالِكًا عَلَى إِرْسَالِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا، وَوَصَلَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ يَعْلَى بْنِ شَبِيبٍ وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " كَانَ النَّاسُ وَالرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ مَا شَاءَ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَهِيَ امْرَأَتُهُ إِذَا ارْتَجَعَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ وَأَكْثَرَ حَتَّى قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ: وَاللَّهِ لَا أُطَلِّقُكِ فَتَبِينِي مِنِّي وَلَا آوِيكِ أَبَدًا، قَالَتْ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أُطَلِّقُكِ فَكُلَّمَا هَمَّتْ عِدَّتُكِ أَنْ تَنْقَضِيَ رَاجَعْتُكِ، فَذَهَبَتِ الْمَرْأَةُ فَأَخْبَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَكَتَ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ٢٢٩) قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ. وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ صَحَّحَ الْمَوْصُولَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ هِيَ الثَّالِثَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ٢٣٠) وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي رَزِينٍ: " «جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] فَأَيْنَ الثَّالِثَةُ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] » .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute