سَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَعِنْدَ أَحْمَدَ عَنْ سُبَيْعَةَ: فَلَمْ أَمْكُثْ إِلَّا شَهْرًا حَتَّى وَضَعْتُ. وَفِي النَّسَائِيِّ: عِشْرِينَ لَيْلَةً. وَرُوِيَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَذَّرُ فِيهِ الْجَمْعُ لِاتِّحَادِ الْقِصَّةِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ السِّرُّ فِي إِبْهَامِ مَنْ أَبْهَمَ الْمُدَّةَ.
(فَخَطَبَهَا رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا شَابٌّ) هُوَ أَبُو الْبَشَرِ، بِفَتْحَتَيْنِ، ابْنُ الْحَارِثِ الْعَبْدَرِيُّ، مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ وَضَّاحٍ (وَالْآخَرُ كَهْلٌ) هُوَ أَبُو السَّنَابِلِ، بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ فَأَلَفٍ فَمُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ فَلَامٍ، ابْنُ بَعْكَكٍ، بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ كَافَيْنِ وَزْنَ جَعْفَرٍ كَمَا سُمِّيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، ابْنُ الْحَارِثِ الْقُرَشِيُّ الْعَبْدَرِيُّ، اسْمُهُ حَبَّةُ، بِمُوَحَّدَةٍ، وَقِيلَ: نُونٍ، وَقِيلَ عَمْرٌو، وَقِيلَ عَامِرٌ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. (فَحَطَّتْ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، أَيْ مَالَتْ وَنَزَلَتْ بِقَلْبِهَا (إِلَى الشَّابِّ) عَلَى عَادَةِ النِّسَاءِ (فَقَالَ الشَّيْخُ) أَبُو السَّنَابِلِ، الْمُعَبَّرُ عَنْهُ أَوَّلًا بِكَهْلٍ (لَمْ تَحِلِّي بَعْدُ) بِضَمِّ الدَّالِ (وَكَانَ أَهْلُهَا غَيَبًا) بِفَتْحَتَيْنِ، جَمْعُ غَائِبٍ كَخَادِمٍ وَخَدَمٍ (وَرَجَا إِذَا جَاءَ أَهْلُهَا أَنْ يُؤْثِرُوهُ بِهَا) يُقَدِّمُونَهُ عَلَى غَيْرِهِ. وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ: فَلَمَّا تَعَدَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ فَقَالَ: مَالِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً! لَعَلَّكِ تُرَجِّينَ النِّكَاحَ؟ إِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَتَعَدَّتْ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ، أَيْ خَرَجَتْ (فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَسَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ (فَقَالَ: قَدْ حَلَلْتِ فَانْكَحِي مَنْ شِئْتِ) زَادَ فِي رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي السَّنَابِلِ: وَلَوْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي السَّنَابِلِ. رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَسْلَمَ أَبُو السَّنَابِلِ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَكَانَ شَاعِرًا وَبَقِيَ زَمَانًا بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَذَكَرَ ابْنُ الْبَرْقِيِّ أَنَّهُ تَزَوَّجَ سُبَيْعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَوْلَدَهَا سَنَابِلَ بْنَ أَبِي السَّنَابِلِ، لَكِنْ نَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا نَعْلَمُ أَنَّ أَبَا السَّنَابِلِ عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، فَذَكَرَهُ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute