فُلَانٌ حَيًّا لِعَمِّهَا) اللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ: عَنْ عَمِّهَا (مِنَ الرَّضَاعَةِ دَخَلَ عَلَيَّ) بِشَدِّ الْيَاءِ، أَيْ هَلْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ؟ قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ عَمِّ عَائِشَةَ أَيْضًا، وَوَهِمَ بِأَفْلَحَ أَخِي أَبِي الْقُعَيْسِ وَالِدِ عَائِشَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَأَمَّا أَفْلَحَ فَهُوَ أَخُوهُ وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَقَدْ عَاشَ حَتَّى جَاءَ لِيَسْتَأْذِنَ عَلَى عَائِشَةَ فَامْتَنَعَتْ فَأَمَرَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَأْذَنَ لَهُ كَمَا يَأْتِي، وَالْمَذْكُورُ هُنَا عَمُّهَا أَخُو أَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقِيلَ هُمَا وَاحِدٌ، وَغَلَّطَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ عَمَّهَا فِي حَدِيثِ أَبِي الْقُعَيْسِ كَانَ حَيًّا، وَالْآخَرُ كَانَ مَيِّتًا كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهَا: لَوْ كَانَ حَيًّا. وَإِنَّمَا ذَكَرَتْ ذَلِكَ فِي الْعَمِّ الثَّانِي ; لِأَنَّهَا جَوَّزَتْ تَبَدُّلَ الْحُكْمِ فَسَأَلَتْ مَرَّةً أُخْرَى، قَالَ الْحَافِظُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا ظَنَّتْ أَنَّهُ مَاتَ لِبُعْدِ عَهْدِهَا بِهِ، ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَاسْتَأْذَنَ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَعَمْ) أَيْ كَانَ يَجُوزُ دُخُولُهُ عَلَيْكِ، وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: (إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَشَدِّ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ (مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ) أَيْ مِثْلَ مَا تُحَرِّمُهُ، فَفِيهِ مُضَافٌ مِنْ سَائِرِ الْأَحْكَامِ، وَفِيهِ أَنَّ قَلِيلَ الرَّضَاعِ يُحَرِّمُ إِذْ لَمْ يَسْأَلْ عَنْ عِدَّةِ الرَّضَعَاتِ بَلْ جَعَلَهُ عَامًّا بِلَا تَفْصِيلٍ وَأَطْلَقَ فِي التَّعْلِيلِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَإِسْمَاعِيلُ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى، وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَعْنٍ، أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute