وَإِنَّمَا تَصِيرُ الْإِقَالَةُ إِذَا فَعَلَا ذَلِكَ بَيْعًا، وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِي الْإِقَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ) فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ إِلَّا أَنْ يُشْرِكَ فِيهِ أَوْ يُوَلِّيَهُ أَوْ يُقِيلَهُ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ (مَا لَمْ يَدْخُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ أَوْ نَظِرَةٌ) أَيْ تَأْخِيرٌ (فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ أَوْ نَظِرَةٌ صَارَ بَيْعًا يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ) فَيُشْتَرَطُ لَهُ شُرُوطُهُ وَانْتِفَاءُ مَوَانِعِهِ، وَالْإِقَالَةُ فِي الطَّعَامِ بِشَرْطِهِ جَائِزَةٌ بِاتِّفَاقِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ الْجَوَازِ فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا بَيْعٌ لَا حِلُّهُ فَيَحْتَاجُونَ إِلَى مُخَصِّصٍ يُخْرِجُهَا مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْمُخَصِّصُ اسْتِثْنَاؤُهَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْإِمَامُ كَمَا تَرَى، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إِنَّهَا حِلُّ بَيْعٍ فَلَا حَاجَةَ لِلِاعْتِذَارِ وَلَيْسَ الْجَوَازُ عِنْدَهَا وَلَا رُخْصَةَ، وَمَشْهُورُ قَوْلِ مَالِكٍ جَوَازُ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ وَمَنَعَهُمَا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَلِمَالِكٍ قَوْلٌ بِمَنْعِ الشَّرِكَةِ، وَاتَّفَقَ الْمَذْهَبُ عَلَى جَوَازِ التَّوْلِيَةِ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ كَالْإِقَالَةِ وَلِلْحَدِيثِ.
(قَالَ مَالِكٌ: مَنْ سَلَّفَ فِي حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مَحْمُولَةً بَعْدَ مَحِلِّ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ حُلُولِ (الْأَجَلِ) لَا قَبْلَهُ (وَكَذَلِكَ مَنْ سَلَّفَ فِي صِنْفٍ مِنَ الْأَصْنَافِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ خَيْرًا مِمَّا سَلَّفَ) لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ (فِيهِ أَوْ أَدْنَى) لِأَنَّهُ حُسْنُ اقْتِضَاءٍ (بَعْدَ الْأَجَلِ) لَا قَبْلَهُ (وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يُسْلِّفَ الرَّجُلُ فِي حِنْطَةٍ مَحْمُولَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ شَعِيرًا أَوْ شَامِيَّةً وَإِنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ عَجْوَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ) بَدَلَهُ (صَيْحَانِيًّا أَوْ) تَمْرًا (جَمْعًا) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ رَدِيئًا (وَإِنْ سَلَّفَ فِي زَبِيبٍ أَحْمَرَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ أَسْوَدَ) لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ حُسْنُ اقْتِضَاءٍ (إِذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ إِذَا كَانَتْ مَكِيلَةُ ذَلِكَ سَوَاءً بِمِثْلِ كَيْلِ مَا سَلَّفَ فِيهِ) فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَوَازَ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ بَعْدَ الْحُلُولِ وَقَدْرُ الْكَيْلِ فَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ الصِّفَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute