وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ لَا رِبًا فِي الْحَيَوَانِ وَإِنَّمَا نُهِيَ مِنْ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ وَالْمَضَامِينُ بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ إِنَاثِ الْإِبِلِ وَالْمَلَاقِيحُ بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ إِذَا كَانَ غَائِبًا عَنْهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ رَآهُ وَرَضِيَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ ثَمَنَهُ لَا قَرِيبًا وَلَا بَعِيدًا قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَنْتَفِعُ بِالثَّمَنِ وَلَا يُدْرَى هَلْ تُوجَدُ تِلْكَ السِّلْعَةُ عَلَى مَا رَآهَا الْمُبْتَاعُ أَمْ لَا فَلِذَلِكَ كُرِهَ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ مَضْمُونًا مَوْصُوفًا
ــ
١٣٥٨ - ١٣٤٤ - (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ: لَا رِبًا فِي الْحَيَوَانِ) الْمُخْتَلِفِ جِنْسُهُ كَمُتَّحِدٍّ وَبِيعَ يَدًا بِيَدٍ فَإِنْ بِيعَ إِلَى أَجَلٍ وَاخْتَلَفَتْ صِفَاتُهُ جَازَ وَإِلَّا مُنِعَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيُّ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ «لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ أَنْ يُعْطِيَ بَعِيرًا فِي بَعِيرَيْنِ إِلَى أَجَلٍ» فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ حُرْمَةِ الرِّبَا.
وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى مُخْتَلِفِ الصِّفَةِ وَالْمَنَافِعِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ اتَّفَقَتِ الصِّفَاتُ أَوِ اخْتَلَفَتْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] (الْبَقَرَةُ: الْآيَةُ ٢٧٥) وَالرِّبَا هُوَ الزِّيَادَةُ وَهَذِهِ زِيَادَةٌ.
(وَإِنَّمَا نُهِيَ مِنَ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ: الْمَضَامِينِ) جَمْعُ مَضْمُونٍ يُقَالُ ضَمِنَ الشَّيْءَ بِمَعْنَى يَضْمَنُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَضْمُونُ الْكِتَابِ كَذَا وَكَذَا.
(وَالْمَلَاقِيحِ) جَمْعُ مَلْقُوحٍ (وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ) وَهَذَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْبَزَّارُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ» " وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ.
(وَالْمَضَامِينُ بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ إِنَاثِ الْإِبِلِ) لِأَنَّ الْبَطْنَ قَدْ ضَمِنَ مَا فِيهِ (وَالْمَلَاقِيحُ بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ) جَمْعُ جَمَلٍ، ذَكَرُ الْإِبِلِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُلَقِّحُ النَّاقَةَ، وَلِذَا سُمِّيَتِ النَّخْلَةُ الَّتِي يُلَقَّحُ بِهَا الثِّمَارُ فَحْلًا.
وَوَافَقَ الْإِمَامَ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَصْحَابِ، وَعَكْسُهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَقَالَ: الْمَضَامِينُ مَا فِي الظُّهُورِ، وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي الْبُطُونِ، وَزَعَمَ أَنَّ تَفْسِيرَ مَالِكٍ مَقْلُوبٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مَالِكًا أَعْلَمُ مِنْهُ بِاللُّغَةِ.
(قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ) أَيِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute