بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ عَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ يَقْبِضُ ذَلِكَ وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِأَنَّهُ إِذَا أَخَّرَ ذَلِكَ قَبُحَ) حَرُمَ (وَدَخَلَهُ مَا يُكْرَهُ) أَيْ يَحْرُمُ (مِنَ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ) بِالْهَمْزِ أَيِ التَّأْخِيرِ وَمِنْهُ: بَلَغَ بِكَ أَكْلَأَ الْعُمْرِ أَيْ أَطْوَلَهُ وَأَشَدَّهُ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَعَفَّفْتُ عَنْهَا فِي الْعُصُورِ الَّتِي خَلَتْ ... فَكَيْفَ التَّصَابِي بَعْدَمَا كَلَأَ الْعُمُرُ
(وَالْكَالِئُ بِالْكَالِئِ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ) وَقِيلَ: مَأْخُوذٌ مِنَ الْكَلْأِ وَهُوَ الْحِفْظُ وَإِطْلَاقُ هَذَا الِاسْمِ عَلَى الدَّيْنِ مَجَازٌ لِأَنَّهُ مَكْلُوءٌ لَا كَالِئٌ، وَإِنَّمَا الْكَالِئُ صَاحِبُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَكْلَأُ صَاحِبَهُ أَيْ يَحْرُسُهُ لِأَجْلِ مَالِهِ قِبَلَهُ، فَعَلَاقَةُ الْمَجَازِ الْمُلَازَمَةُ أَيْ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا لَازِمًا لِلْآخَرِ، إِذْ يَلْزَمُ مِنَ الْحَافِظِ مَحْفُوظٌ وَعَكْسُهُ، وَقَدْ جَاءَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَدَافِقٍ أَوْ مَدْفُوقٍ، أَوْ هُوَ مَجَازٌ فِي الْإِسْنَادِ إِلَى مُلَابِسِ الْفِعْلِ أَيْ كَالِئُ صَاحِبِهِ كَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ أَوْ مَجَازٌ بِالْحَذْفِ أَيْ مِنْ بَيْعِ مَالِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ.
وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» " قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ وَهْمٌ فَإِنَّ رَاوِيَهُ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ لَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ فِي هَذَا حَدِيثٌ يَصِحُّ لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ.
(وَمَنْ سَلَّفَ فِي سِلْعَةٍ إِلَى أَجَلٍ وَتِلْكَ السِّلْعَةُ مِمَّا لَا تُؤْكَلُ وَلَا تُشْرَبُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ بِنَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَلَا يَنْبَغِي) لَا يَجُوزُ (لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنَ الَّذِي ابْتَاعَهَا مِنْهُ إِلَّا بِعَرْضٍ يَقْبِضُهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ) لِمَا مَرَّ بَيَانُهُ (وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ لَمْ تَحِلَّ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ لَهَا بَيِّنٍ) أَيْ ظَاهِرٍ (خِلَافُهُ يَقْبِضُهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ) لِمَا مَرَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute