بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ) الْمَخْزُومِيِّ الْفَقِيهِ التَّابِعِيِّ الْوَسَطِ، وَلِأَبِيهِ رُؤْيَةٌ فَهُوَ صَحَابِيٌّ مِنْ حَيْثُهَا، تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةِ، وَجَدُّهُ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ، سَأَلَ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْوَحْيِ كَمَا مَرَّ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَكَذَا فِي جَمِيعِ الْمُوَطَّآتِ وَلِجَمِيعِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلًا إِلَّا عَبْدَ الرَّزَّاقِ بِخُلْفٍ عَنْهُ فَوَصَلَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ فِي إِرْسَالِهِ وَوَصْلِهِ، وَرِوَايَةُ مَنْ وَصَلَهُ صَحِيحَةٌ، فَقَدْ رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبَشِيرُ بْنُ نُهَيْكٍ، وَهُشَامُ بْنُ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا الثَّلَاثَةُ فِي الْفَلْسِ دُونَ ذِكْرِ حُكْمِ الْمَوْتِ، وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لِأَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَرْوِيهِ غَيْرُهُ فِيمَا عَلِمْتُ اهـ مُلَخَّصًا.
(قَالَ: أَيُّمَا) مُرَكَّبَةٌ مِنْ أَيٍّ وَهِيَ اسْمٌ يَنُوبُ مَنَابَ حَرْفِ الشَّرْطِ، وَمِنْ مَا الْمُبْهَمَةِ الْمَزِيدَةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: مِنَ الْمُقْحَمَاتِ الَّتِي يُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ تَفْصِيلٍ غَيْرِ حَاصِرٍ أَوْ عَنْ تَطْوِيلٍ غَيْرِ مُمِلٍّ (رَجُلٍ) بِجَرِّهِ بِإِضَافَةِ أَيٍّ إِلَيْهِ وَرَفْعِهِ بَدَلٌ مِنْ أَيٍّ، وَلَيْسَ الْمُبْدَلُ مِنْهُ عَلَى نِيَّةِ الطَّرْحِ، وَمَا زَائِدَةٌ وَذِكْرُهُ غَالِبِيٌّ وَالْمُرَادُ إِنْسَانٌ (بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ) اشْتَرَاهُ، وَقَوْلُهُ: (مِنْهُ) كَذَا لِيَحْيَى، وَسَقَطَ لِغَيْرِهِ (وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ) أَيْ مَتَاعَهُ (بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) مِنَ الْغُرَمَاءِ، لِأَنَّ الْمُفْلِسَ يُمْكِنُ أَنْ تَطْرَأَ لَهُ ذِمَّةٌ، بِخِلَافِ الْمَيِّتِ، وَلِذَا قَالَ: (وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ) وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ لِنَصِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ، وَهُوَ قَاطِعٌ لِمَوْضِعِ الْخِلَافِ، وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: لَيْسَ أَحَقَّ بِهِ فِيهِمَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ أَحَقُّ بِهِ فِيهِمَا لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ وَابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ نَافِعٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ الزُّرَقِيِّ قَالَ: " أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فِي صَاحِبٍ لَنَا أَفْلَسَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ إِذَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ» " وَأُجِيبُ بِأَنَّ أَبَا الْمُعْتَمِرِ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ بِحَمْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ عَقِبَ رِوَايَتِهِ: مَنْ يَأْخُذُ بِهَذَا أَبُو الْمُعْتَمِرِ مَنْ هُوَ؟ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ، وَفِي التَّقْرِيبِ أَنَّهُ مَجْهُولُ الْحَالِ، فَحَدِيثُ التَّفْرِيقِ أَرْجَحُ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ وَتَقْدِيمُهُ، وَلَوْ سُلِّمَ صَلَاحِيَّتُهُ لِلْحُجِّيَّةِ فَقَدْ قَالَ الْمَازِرِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ بَيْعًا فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ فِي الْوَدَائِعِ أَوْ غَصْبًا أَوْ تَعَدِّيًا، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ لَفْظُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَوْ ذَكَرَهُ لَأَمْكَنَ فِيهِ التَّأْوِيلُ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَعَلَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ فَلَسُهُ قَامَ وَطَلَبَ فَلَسَهُ فَبَادَرَ الْمَوْتَ.
وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ ذِمَّةَ الْمُشْتَرِي عُيِّنَتْ فِي الْفَلَسِ فَصَارَ الْبَائِعُ بِمَنْزِلَةِ مَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهَا وَاسْتِرْجَاعُ شَيْئِهِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ لِبَقَاءِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَفِي الْمَوْتِ وَإِنْ عُيِّنَتِ الذِّمَّةُ أَيْضًا لَكِنَّهَا ذَهَبَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute