(عِنْدَهُ قِرَاضًا إِنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ) كَرَاهَةَ مَنْعٍ (حَتَّى يَقْبِضَ مَالَهُ ثُمَّ يُقَارِضُهُ بَعْدُ) بِالضَّمِّ (أَوْ يُمْسِكُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَعْسَرَ بِمَالِهِ فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِيهِ) فَيَكُونَ ذَرِيعَةً لِلرِّبَا، وَوَافَقَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْحُكْمِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَعُودُ أَمَانَةً حَتَّى يُقْبَضَ.
(قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَهَلَكَ بَعْضُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ ثُمَّ عَمِلَ فِيهِ فَرَبِحَ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ الْمَالِ بَقِيَّةَ الْمَالِ بَعْدَ الَّذِي هَلَكَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ قَالَ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيُجْبَرُ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ رِبْحِهِ) وَمَفْهُومُهُ: لَوْ صَحَّ التَّلَفُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ رَأْسُ الْمَالِ إِلَّا مَا بَقِيَ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ كُلِّهِمْ، وَقَالَ عِيسَى: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ.
ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا يَكُونُ كَذَلِكَ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ الْمَالَ ثُمَّ يَرُدَّهُ قِرَاضًا ثَانِيًا، وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى الْأَوَّلِ يُجْبَرُ التَّلَفُ بِالرِّبْحِ (ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بَعْدَ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى شَرْطِهِمَا مِنَ الْقِرَاضِ) مِنْ نِصْفٍ وَغَيْرِهِ.
(وَلَا يَصْلُحُ الْقِرَاضُ إِلَّا فِي الْعَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ) لِأَنَّهَا قِيَمُ الْمَتْلَفَاتِ وَأُصُولُ الْأَثْمَانِ، وَلَا يَدْخُلُ أَسْوَاقَهَا تَغَيُّرٌ، وَمَا يَدْخُلُهُ تَغَيُّرُ الْأَسْوَاقِ لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهِ.
(وَ) لِذَا (لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعَرُوضِ وَالسِّلَعِ وَمِنَ الْبُيُوعِ) الْمَمْنُوعَةِ (مَا يَجُوزُ) أَيْ يَمْضِي (إِذَا تَفَاوَتَ أَمْرُهُ وَتَفَاحَشَ رَدُّهُ) كَبَيْعِ حَبٍّ أُفْرِكَ قَبْلَ يُبْسِهِ وَبَيْعِ ثَمَرٍ بَعْدَ أَنْ أَزْهَى يُؤْخَذُ كَيْلًا بَعْدَ أَنْ يُثْمِرَ، قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ: وَإِنَّمَا خَرَجَ مَالِكٌ مِنْ ذِكْرِ الْقِرَاضِ إِلَى ذِكْرِ الْبُيُوعِ تَمْثِيلًا أَنَّ لِلْقِرَاضِ مَكْرُوهًا كَالْبُيُوعِ، فَمَكْرُوهُ الْقِرَاضِ إِذَا فَاتَ بِالْعَمَلِ رُدَّ إِلَى قِرَاضٍ مِثْلِهِ كَالْقِرَاضِ بِالْعُرُوضِ أَوِ الضَّمَانِ أَوْ إِلَى أَجَلٍ.
وَحَرَامُ الْقِرَاضِ إِذَا فَاتَ بِالْعَمَلِ رُدَّ إِلَى أَجْرِ مِثْلِهِ.
(فَأَمَّا الرِّبَا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ فِيهِ إِلَّا الرَّدُّ أَبَدًا وَلَا يَجُوزُ مِنْهُ) وَفِي نُسْخَةٍ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute