وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ وَضَّاحٍ مِنْ قَدْرِ الْمَالِ (وَيَسْتَأْجِرَ مِنَ الْمَالِ إِذَا كَانَ كَثِيرًا لَا يَقْوَى عَلَيْهِ) وَحْدَهُ (بَعْضَ) مَفْعُولُ يَسْتَأْجِرُ (مَنْ يَكْفِيهِ بَعْضَ مَؤُونَتِهِ) مَفْعُولُ يَكْفِي (وَمِنَ الْأَعْمَالِ أَعْمَالٌ لَا يَعْمَلُهَا الَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ) أَيِ الْعَامِلُ (وَلَيْسَ مِثْلُهُ يَعْمَلُهَا مِنْ ذَلِكَ تَقَاضِي الدَّيْنِ) طَلَبُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ (وَنَقْلُ الْمَتَاعِ وَشَدُّهُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنَ الْمَالِ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْمُقَارَضِ) بِالْفَتْحِ (أَنْ يَسْتَنْفِقَ) بِسِينِ الطَّلَبِ أَيْ يَطْلُبَ أَنْ يُنْفِقَ (مِنَ الْمَالِ وَلَا يَكْتَسِيَ مِنْهُ) وَمَنْعُهُ مِنْ طَلَبِ ذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ مَنْعِهِ مِنْ فِعْلِهِ، نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: ٣٢] (سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: الْآيَةَ ٣٢) فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ لَا تَزْنُوا، وَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
يَا عَاذِلَانِي لَا تُرِدْنَ مَلَامَتِي ... إِنَّ الْعَوَاذِلَ لَسْنَ لِي بِأَمِيرِ
أَبْلَغُ مِنْ لَا تَلُمْنِي.
(مَا كَانَ) أَيْ مُدَّةُ كَوْنِهِ (مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ إِنَّمَا تَجُوزُ لَهُ النَّفَقَةُ إِذَا شَخَصَ) سَافَرَ (فِي الْمَالِ وَكَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ النَّفَقَةَ، فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يَتَّجِرُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ بِهِ مُقِيمٌ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنَ الْمَالِ وَلَا كُسْوَةَ) وَكَذَا إِذَا كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا فَلَا كُسْوَةَ وَلَا نَفَقَةَ قَرُبَ السَّفَرُ أَوْ بَعُدَ، قَالَهُ مَالِكٌ أَيْضًا، نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ.
(قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَخَرَجَ بِهِ وَبِمَالٍ لِنَفْسِهِ قَالَ: يَجْعَلُ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَمِنْ مَالِهِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِ الْمَالِ) وَاخْتُلِفَ فِي مُطْلَقِ عَقْدِ الْقِرَاضِ هَلْ يَقْتَضِي السَّفَرَ بِالْمَالِ؟ فَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مُبَاحٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ} [المزمل: ٢٠] (سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ: الْآيَةَ ٢٠) أَيْ يُسَافِرُونَ فَلَا يُنَافِيهِ مُطْلَقُ عَقْدِ الْقِرَاضِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُسَافِرُ إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلَانِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي قَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُسَافِرُ بِالْقَلِيلِ سَفَرًا بَعِيدًا إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّهِ، قَالَهُ الْبَاجِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute