وَحَدَّثَنِي مَالِك أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ
قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: ٤]
قَالَ مَالِكٌ فَالْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الَّذِي يُجْلَدُ الْحَدَّ ثُمَّ تَابَ وَأَصْلَحَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَهُوَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ
ــ
١٤٢٧ - ١٣٩٧ - (مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا) بِالْمَدِينَةِ. وَعَزَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لِعُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ وَابْنِ قُسَيْطٍ، وَرِوَايَةٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَقَالَ: وَرُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ طَرِيقٍ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ. (وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] الْعَفِيفَاتِ بِالزِّنَى (ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ) عَلَى زِنَاهِنَّ بِرُؤْيَتِهِنَّ (فَاجْلِدُوهُمْ) ، أَيْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً) فِي شَيْءٍ (أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) لِإِتْيَانِهِمْ كَبِيرَةً {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} [آل عمران: ٨٩] عَمَلَهُمْ {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} [البقرة: ١٩٢] لَهُمْ قَذْفَهُمْ (رَحِيمٌ) بِهِمْ بِإِلْهَامِهِمُ التَّوْبَةَ، فَبِهَا يَنْتَهِي فِسْقُهُمْ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَالثَّوْرِيُّ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ أَبَدًا تَابَ أَوْ لَمْ يَتُبْ، وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٩٢] (سورة النُّورِ: الْآيَةُ ٥) قَالُوا: فَتَوْبَتُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ. (قَالَ مَالِكٌ: فَالْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الَّذِي يُجْلَدُ الْحَدَّ ثُمَّ تَابَ وَأَصْلَحَ عَمَلَهُ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ) فِي غَيْرِ مَا حُدَّ فِيهِ (وَهُوَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ) لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْآيَةِ، وَتَخْصِيصُ الِاسْتِثْنَاءِ بِصِلَةِ الْأَخِيرَةِ لَا يَنْهَضُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute