للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ أَوْ كُلِّهِمْ، وَإِنْ كَانَ قَدِ اخْتَارَ هُوَ الْكَسْرُ عَلَى إِرَادَةِ الْحَالَةِ لَكِنَّ الْفَتْحَ هُنَا أَظْهَرُ أَيِ الْحَيْضِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ مُتَعَيِّنٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنَ الْمُتَعَيِّنِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ إِثْبَاتَ الِاسْتِحَاضَةِ وَنَفْيَ الْحَيْضِ.

قَالَ وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ انْقَطَعَ وَانْفَجَرَ فَهِيَ زِيَادَةٌ لَا تُعْرَفُ فِي الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَعْنًى.

(فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ: يَجُوزُ هُنَا الْكَسْرُ وَالْفَتْحُ جَوَازًا حَسَنًا، قَالَ الْحَافِظُ: وَالَّذِي فِي رِوَايَتِنَا بِفَتْحِ الْحَاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

(فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ) تَضَمَّنَ نَهْيَ الْحَائِضِ عَنِ الصَّلَاةِ وَهُوَ لِلتَّحْرِيمِ وَيَقْتَضِي فَسَادَ الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَرَى لِلْحَائِضِ الْغُسْلَ وَيَأْمُرُهَا أَنْ تَتَوَضَّأَ وَقْتَ الصَّلَاةِ وَتَذْكُرَ اللَّهَ مُسْتَقْبِلَةً الْقِبْلَةَ قَالَهُ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَقَالَ مَكْحُولٌ: كَانَ ذَلِكَ مِنْ هَدْيِ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ مَعْمَرٌ: بَلَغَنِي أَنَّ الْحَائِضَ كَانَتْ تُؤْمَرُ بِذَلِكَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ عَطَاءٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهَذَا أَمْرٌ مَتْرُوكٌ، قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: سَأَلْنَا عَنْهُ فَلَمْ نَجِدْ لَهُ أَصْلًا وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ يَكْرَهُونَهُ.

(فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا) أَيْ قَدْرُ الْحَيْضَةِ عَلَى مَا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ أَوْ عَلَى مَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ بِاجْتِهَادِهَا أَوْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَادَتِهَا فِي حَيْضَتِهَا احْتِمَالَاتٌ لِلْبَاجِيِّ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَيِ الْحَيْضَةُ (فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي) أَيْ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ: ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي، وَلَمْ يَذْكُرْ غَسْلَ الدَّمِ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ وَاقِعٌ بَيْنَ أَصْحَابِ هِشَامٍ مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ غَسْلَ الدَّمِ وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ الِاغْتِسَالَ دُونَ غَسْلِ الدَّمِ وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَأَحَادِيثُهُمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ اخْتَصَرَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ لِوُضُوحِهِ عِنْدَهُ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ زَادَ فِي آخِرِهِ: ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِذَلِكَ، فَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ وَادَّعَى أَنَّ حَمَّادًا انْفَرَدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَإِلَيْهِ أَوْمَى مُسْلِمٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ رَوَاهَا الدَّارِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَالسِّرَاجُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا مَيَّزَتْ دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ تَعْتَبِرُ دَمَ الْحَيْضِ وَتَعْمَلُ عَلَى إِقْبَالِهِ وَإِدْبَارِهِ، فَإِذَا انْقَضَى قَدْرُهُ اغْتَسَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ صَارَ حُكْمُ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ حُكْمَ الْحَدَثِ فَتَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَكِنَّهَا لَا تُصَلِّي بِذَلِكَ الْوُضُوءِ أَكْثَرَ مِنْ فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ مُؤَدَّاةٍ أَوْ مَقْضِيَّةٍ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: " «ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» "، وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ.

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْوُضُوءَ مُتَعَلِّقٌ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ فَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِهِ الْفَرِيضَةَ الْحَاضِرَةَ وَمَا شَاءَتْ مِنَ الْفَوَائِتِ مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتَ الْحَاضِرَةِ وَعَلَى قَوْلِهِمُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: " «تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» " أَيْ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ فَفِيهِ مَجَازُ الْحَذْفِ وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يُسْتَحَبُّ لَهَا الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلَا يَجِبُ إِلَّا بِحَدَثٍ آخَرَ.

وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: إِنِ اغْتَسَلَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَهُوَ أَحْوَطُ ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَيْسَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا ذِكْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>