شَهِدَ) أَيْ أَقَرَّ لَهُ بِالْأُخُوَّةِ (قَدْرَ مَا يُصِيبُهُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ. وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ) أَيْ بَيَانُهُ وَإِيضَاحُهُ بِالْمِثَالِ (أَنْ يَهْلِكَ الرَّجُلُ وَيَتْرُكَ ابْنَيْنِ لَهُ وَيَتْرُكَ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ فَيَأْخُذُ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ يَشْهَدُ) يُقِرُّ (أَحَدُهُمَا بِأَنَّ أَبَاهُ الْهَالِكَ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا ابْنُهُ، فَيَكُونُ عَلَى الَّذِي شَهِدَ) أَيْ أَقَرَّ (لِلَّذِي اسْتُلْحِقَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ، أَيِ الْمُقَرِّ بِهِ (مِائَةُ دِينَارٍ وَذَلِكَ نِصْفُ مِيرَاثِ الْمُسْتَلْحَقِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (لَوْ لَحِقَ) وَفِي إِطْلَاقِ الِاسْتِلْحَاقِ عَلَيْهِ تَجَوُّزٌ عَنِ الْمُقَرِّ بِهِ ; لِأَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ مَخْصُوصٌ بِالْأَبِ. (وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ الْآخَرُ أَخَذَ الْمِائَةَ الْأُخْرَى فَاسْتَكْمَلَ حَقَّهُ وَثَبَتَ نَسَبُهُ) إِذَا كَانَ الْآخَرَانِ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَوَافَقَهُ عَلَى هَذَا ابْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَالْكُوفِيُّونَ: يَلْزَمُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ شَرِيكُهُ فَلَا يَسْتَأْثِرُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِمَا لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ إِذَا كَانَ ثَمَّ مِنَ الْوَرَثَةِ مَنْ يَدْفَعُهُ فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُعْطِيَهُ أَعْطَاهُ.
(وَهُوَ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ تُقِرُّ بِالدَّيْنِ عَلَى أَبِيهَا أَوْ عَلَى زَوْجِهَا وَيُنْكِرُ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَدْفَعَ إِلَى الَّذِي أَقَرَّتْ لَهُ بِالدَّيْنِ قَدْرَ الَّذِي يُصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لَوْ ثَبَتَ عَلَى الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ إِنْ كَانَتْ) الْمُقِرَّةُ (امْرَأَةً وَرِثَتِ الثُّمُنُ دَفَعَتْ إِلَى الْغَرِيمِ ثُمُنَ دَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَتِ ابْنَةً وَرِثَتِ النِّصْفَ دَفَعَتْ إِلَى الْغَرِيمِ نِصْفَ دَيْنِهِ، عَلَى حِسَابِ هَذَا يَدْفَعُ إِلَيْهِ مَنْ أَقَرَّ مِنَ النِّسَاءِ) وَعَلَى هَذَا أَصْحَابُهُ بِالْحِجَازِ وَمِصْرَ وَالْعِرَاقِ. وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ أَصْحَابَهُ كُلَّهُمْ يَرَوْنَهُ وَهْمًا مِنْهُ ; لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: بَلْ أَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ عَلَى مَا قَالَ، وَأَنْكَرَ الْمُتَأَخِّرُونَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ، وَبِقَوْلِ مَالِكٍ قَالَ أَحْمَدُ. وَوَجْهُهُ أَنَّ إِقْرَارَ الْمُقِرِّ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِالدَّيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute