بِضَمِّ الْعَيْنِ وَخِفَّةِ الْمِيمِ (أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ خَلِيفَةَ) بْنِ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيَّ الْأَشْهَلِيَّ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَهِدَ غَزْوَةَ بَنِي النَّضِيرِ وَلَهُ فِيهَا ذِكْرٌ، وَلَيْسَتْ لَهُ رِوَايَةٌ. وَقَالَ ابْنُ شَاهِينَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي دَاوُدَ يَقُولُ: هُوَ الَّذِي قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ: " «يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ذُو مَسْحَةٍ مِنْ جَمَالٍ، زِنَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ زِنَةَ أُحُدٍ» ". فَطَلَعَ الضَّحَّاكُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَكَانَ يُتَّهَمُ بِالنِّفَاقِ ثُمَّ تَابَ وَأَصْلَحَ كَمَا فِي الْإِصَابَةِ. (سَاقَ خَلِيجًا لَهُ) قَالَ الْمَجْدُ: الْخَلِيجُ النَّهْرُ وَشَرْمٌ مِنَ الْبَحْرِ وَالْجَفْنَةُ وَالْحَبْلُ (مِنَ الْعُرَيْضِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ التَّحْتِيَّةِ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ، وَادٍ بِالْمَدِينَةِ بِهِ أَمْوَالٌ لِأَهْلِهَا (فَأَرَادَ أَنْ يَمُرَّ بِهِ فِي أَرْضِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ) الْأَنْصَارِيِّ، أَكْبَرُ مَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ مِنَ الْفُضَلَاءِ، مَاتَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ (فَأَبَى) امْتَنَعَ (مُحَمَّدٌ، فَقَالَ لَهُ الضَّحَّاكُ: لِمَ) لِأَيِّ شَيْءٍ (تَمْنَعُنِي وَهُوَ لَكَ مَنْفَعَةٌ تَشْرَبُ بِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَلَا يَضُرُّكَ) قَالَ الْبَاجِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ عَلَى وَجْهِ الْمُعَارَضَةِ لَا يَجُوزُ لِجَهْلِ قَدْرِ شُرْبِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الْمَاءِ عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ الْأَعْلَى أَوْلَى حَتَّى يُرْوَى (فَأَبَى مُحَمَّدٌ، فَكَلَّمَ فِيهِ الضَّحَّاكُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ) أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا) أَفْعَلُ ذَلِكَ (فَقَالَ عُمَرُ: لِمَ تَمْنَعُ أَخَاكَ) فِي الْإِسْلَامِ وَالصُّحْبَةِ (مَا يَنْفَعُهُ، وَهُوَ لَكَ نَافِعٌ) لِأَنَّكَ (تَسْقِي بِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَهُوَ لَا يَضُرُّكَ؟ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا) أَرْضَى بِهَذَا (وَاللَّهِ) أَكَّدَهُ بِالْقَسَمِ (فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لَيَمُرَّنَّ بِهِ وَلَوْ عَلَى بَطْنِكَ) الْبَاجِيُّ: فِيهِ اعْتِبَارُ الْمَقَاصِدِ لَا الْأَلْفَاظِ إِنْ كَانَتْ يَمِينُ عُمَرَ عَلَى مَعْنَى الْحُكْمِ عَلَيْهِ; إِذْ لَا خِلَافَ أَنَّ عُمَرَ لَا يَسْتَجِيزُ أَنْ يَمُرَّ بِهِ عَلَى بَطْنِ مُحَمَّدٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ: إِنْ خَالَفْتَ حُكْمِي عَلَيْكَ وَحَارَبْتَ وَأَدَّتِ الْمُحَارَبَةُ إِلَى قَتْلِكَ وَإِجْرَائِهِ عَلَى بَطْنِكَ لَفَعَلْتُ ذَلِكَ نُصْرَةً لِلْحُكْمِ بِالْحَقِّ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
(فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَمُرَّ بِهِ) أَيْ يُجْرِيهِ فِي أَرْضِ مُحَمَّدٍ (فَفَعَلَ الضَّحَّاكُ) ذَلِكَ، أَيْ أَجْرَاهُ، قَالَ الْبَاجِيُّ: يَحْتَمِلُ قَوْلُ عُمَرَ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلِمَالِكٍ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: الْمُخَالَفَةُ لَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِحَدِيثِ: " «لَا يَحْلُبَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute