للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّأْوِيلَيْنِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَا كَانَ مُشْتَرِكًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ قَبْلَ الْقَسَمِ فَهُوَ عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ، مِثْلُ أَنْ يَرِثُوا دَارًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ يُسْلِمُوا قَبْلَ قَسْمِهَا فَيَقْتَسِمُونَهَا عَلَى مَوَارِيثِ الْإِسْلَامِ، قَالَ عِيسَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: إِنَّ هَذَا فِي الْمَجُوسِ وَالْفُرْسِ وَالْفَرَازِنَةِ وَكُلِّ مَنْ لَيْسَ لَهُ كِتَابٌ، وَأَمَّا الْيَهُودُ فَإِنَّمَا يُقْسِمُونَهَا عَلَى مُقْتَضَى شَرْعِهِمْ يَوْمَ وَرِثُوهَا، وَدَلِيلُ ذَلِكَ ذِكْرُهُ الْجَاهِلِيَّةَ. وَرَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ فِي الْكُفَّارِ كُلِّهِمْ: أَهْلِ كِتَابٍ أَمْ لَا. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَرَوَاهُ أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالْجُمْهُورِ، وَهُوَ أَوْلَى لِاسْتِعْمَالِ الْحَدِيثِ عَلَى عُمُومِهِ، وَلِأَنَّ الْكُفْرَ لَا تَفْتَرِقُ أَحْكَامُهُ فِيمَنْ أَسْلَمَ أَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهِ، وَفِي الْحُرِّيَّةِ عِنْدَ مَالِكٍ، فَلَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ أَحْكَامِهِمْ إِلَّا مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ مِنْ أَكْلِ ذَبَائِحِ الْكِتَابِيِّينَ وَنِكَاحِ نِسَائِهِمْ، وَمُحَالٌ أَنْ يُقْسِمَ الْمُؤْمِنُونَ مِيرَاثَهُمْ عَلَى شَرِيعَةِ الْكُفْرِ.

- (مَالِكٌ: فِيمَنْ هَلَكَ) مَاتَ (وَتَرَكَ أَمْوَالًا) أَرَضِينَ وَمَا فِيهَا مِنْ شَجَرٍ (بِالْعَالِيَةِ وَالسَّافِلَةِ) جِهَتَانِ بِالْمَدِينَةِ (إِنَّ الْبَعْلَ) مَا يُشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَقْيٍ وَلَا سَمَاءٍ، قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ. وَقِيلَ: هُوَ مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ، أَيِ الْمَطَرُ (لَا يُقْسَمُ مَعَ النَّضْحِ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، أَيِ الْمَاءُ الَّذِي يَحْمِلُهُ النَّاضِحُ وَهُوَ الْبَعِيرُ; لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ لَا يُجْمَعَانِ فِي الْقَسْمِ، يُرِيدُ بِالْقُرْعَةِ الَّتِي تَكُونُ بِالْجَبْرِ (إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَهْلُهُ بِذَلِكَ) ، أَيْ قَسْمَهَا بَيْنَهُمْ بِالْقَرْعَةِ أَوْ يَقْسِمُهَا مُرَاضَاةً دُونَ قُرْعَةٍ (وَإِنَّ الْبَعْلَ يُقْسَمُ مَعَ الْعَيْنِ إِذَا كَانَ يُشْبِهُهَا) لِأَنَّهُمَا يُزَكَّيَانِ بِالْعُشْرِ، بِخِلَافِ النَّضْحِ الَّذِي يُزَكَّى بِنِصْفِهِ وَهَذَا مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ. (وَأَنَّ الْأَمْوَالَ إِذَا كَانَتْ بِأَرْضٍ وَاحِدَةٍ الَّذِي بَيْنَهُمَا مُتَقَارِبٌ فَإِنَّهُ يُقَامُ كُلُّ مَالٍ مِنْهَا ثُمَّ يُقْسَمُ) وَفِي نُسْخَةٍ: يُسْهَمُ (بَيْنَهُمْ وَالْمَسَاكِنُ وَالدُّورُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ) لِأَنَّ جَمْعَهَا لِلْقَسْمِ أَقَلُّ ضَرَرًا، وَإِذَا قُسِمَتْ كُلُّ دَارٍ فَسَدَ كَثِيرٌ مِنْ مَنَافِعِهَا وَلِذَا ثَبَتَتِ الشُّفْعَةُ فِي الْأَمْلَاكِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: يُقْسَمُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ نَصِيبُهُ مِنْ كُلِّ دَارٍ وَمِنْ كُلِّ أَرْضٍ; لِأَنَّ كُلَّ بُقْعَةٍ وَدَارٍ تُعْتَبَرُ بِنَفْسِهَا، وَلِتَعَلُّقِ الشُّفْعَةِ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>