للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَتَزَوَّجْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَطُّ وَإِنَّمَا تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالَّتِي كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هِيَ أُمُّ حَبِيبَةَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قِيلَ إِنَّ بَنَاتِ جَحْشٍ الثَّلَاثَةَ زَيْنَبَ وَأُمَّ حَبِيبَةَ وَحَمْنَةَ زَوْجَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كُنَّ يَسْتَحِضْنَ كُلُّهُنَّ، وَقِيلَ لَمْ يَسْتَحِضْ مِنْهُنَّ إِلَّا أُمُّ حَبِيبَةَ.

وَذَكَرَ الْقَاضِي يُونُسُ بْنُ مُغِيثٍ فِي كِتَابِهِ الْمُوعِبِ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ مِثْلَ هَذَا، وَذَكَرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ اسْمُهَا زَيْنَبُ وَلَقَبُ إِحْدَاهُنَّ حَمْنَةُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ سَلِمَ مَالِكٌ مِنَ الْخَطَأِ فِي تَسْمِيَةِ أُمِّ حَبِيبَةَ زَيْنَبَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ تُسْتَحَاضُ.

وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ بَعْضَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ.

وَفِي أُخْرَى: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، انْتَهَى كَلَامُ عِيَاضٍ.

وَفِي فَتْحِ الْبَارِي: قِيلَ حَدِيثُ الْمُوَطَّأِ هَذَا وَهْمٌ وَقِيلَ صَوَابٌ وَأَنَّ اسْمَهَا زَيْنَبُ وَكُنْيَتَهَا أُمُّ حَبِيبَةَ بِإِثْبَاتِ الْهَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ خِلَافًا لِلْوَاقِدِيِّ وَتَبِعَهُ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: الصَّحِيحُ أُمُّ حَبِيبٍ بِلَا هَاءٍ وَاسْمُهَا حَبِيبَةُ وَإِنْ رَجَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ: وَأَمَّا أُخْتُهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمْ يَكُنِ اسْمُهَا الْأَصْلِيُّ زَيْنَبَ وَإِنَّمَا كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ فَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي أَسْبَابِ النُّزُولِ لِلْوَاحِدِيِّ: إِنَّمَا كَانَ اسْمُهَا زَيْنَبَ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَعَلَّهُ سَمَّاهَا بِاسْمِ أُخْتِهَا لِأَنَّ أُخْتَهَا غَلَبَتْ عَلَيْهَا الْكُنْيَةُ فَأَيْنَ اللَّبْسُ؟ قَالَ أَعْنِي الْحَافِظَ: وَلَمْ يَنْفَرِدِ الْمُوَطَّأُ بِتَسْمِيَةِ أُمِّ حَبِيبَةَ زَيْنَبَ بَلْ وَافَقَهُ يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ انْتَهَى.

وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَطَالِعِ: لَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ بَنَاتِ جَحْشٍ اسْمُ كُلٍّ مِنْهُنَّ زَيْنَبُ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ بِالْأَنْسَابِ لَا يُثْبِتُونَهُ، وَإِنَّمَا حَمَلَ عَلَيْهِ مَنْ قَالَهُ أَنْ لَا يُنْسَبَ إِلَى مَالِكٍ وَهْمٌ، كَذَا قَالَ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ.

(وَكَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي) وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: اسْتُحِيضَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «اغْتَسِلِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» "، قَالَ الْحَافِظُ: قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبَلْقِينِيُّ: يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ زَيْنَبَ اسْتُحِيضَتْ وَقْتًا بِخِلَافِ أُخْتِهَا فَإِنَّ اسْتِحَاضَتَهَا دَامَتْ.

وَرَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا «عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ فَقَالَ: " هَذَا عِرْقٌ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ» ، زَادَ مُسْلِمٌ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ: وَتُصَلِّي وَالْأَمْرُ بِالِاغْتِسَالِ مُطْلَقٌ فَلَا يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ، فَلَعَلَّهَا فَهِمَتْ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْهَا لِقَرِينَةٍ فَلِذَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّمَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَطَوُّعًا، وَكَذَا قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ فَعَلَتْهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ قَالُوا: لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ الْغَسْلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا الْمُتَحَيِّرَةِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ: «أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَنْتَظِرَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>