سَنَةَ خَمْسٍ، كَمَا فِي طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ (فَحَضَرَتْ أُمَّهُ) مَفْعُولٌ فَاعِلُهُ (الْوَفَاةُ بِالْمَدِينَةِ) وَهِيَ عَمْرَةُ بِنْتُ مَسْعُودٍ، وَقِيلَ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو الْخَزْرَجِيَّةُ، أَسْلَمَتْ وَبَايَعَتْ (فَقِيلَ لَهَا: أَوْصِي) بِشَيْءٍ (فَقَالَتْ: فِيمَ) أَيْ فِي أَيِّ شَيْءٍ (أُوصِي) وَلَا مَالَ لِي (إِنَّمَا الْمَالُ مَالُ سَعْدٍ) ابْنِي (فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ سَعْدٌ) مِنَ الْغَزْوِ (فَلَمَّا قَدِمَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ذُكِرَ) بِضَمِّ الذَّالِ وَكَسْرِ الْكَافِ (ذَلِكَ) الَّذِي قَالَتْ أُمُّهُ (لَهُ) لِسَعْدٍ (فَقَالَ سَعْدٌ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا» ) بِشَيْءٍ، زَادَ فِي رِوَايَةٍ: إِنَّهَا كَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ) يَنْفَعُهَا ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَضْلًا مِنْهُ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُدْرِكَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ عَمَلُ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْهُمْ وَلَا يَلْحَقُهُمْ وِزْرٌ يَعْمَلُهُ غَيْرُهُمْ وَلَا شَرٌّ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ سَبَبٌ يَسُنُّونَهُ أَوْ يَبْتَدِعُونَهُ فَيُعْمَلُ بِهِ بَعْدَهُمْ، وَقَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى انْتِفَاعِ الْمَيِّتِ بِصَدَقَةِ الْحَيِّ عَنْهُ وَكَفَى بِهِ حُجَّةً، قَالَهُ فِي التَّمْهِيدِ. زَادَ فِي فَتْحِ الْبَارِي: لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مِنَ الْوَلَدِ وَهُوَ مُخَصَّصٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] (سورة النَّجْمِ: الْآيَةُ ٣٩) وَيَلْتَحِقُ بِالصَّدَقَةِ الْعِتْقُ عَنْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَاخْتُلِفَ فِي غَيْرِ الصَّدَقَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ: هَلْ يَصِلُ إِلَى الْمَيِّتِ كَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ؟ اهـ. لَكِنْ مَا قَالَ إِنَّهُ الْمَشْهُورُ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، فَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ يَتَطَوَّعُ عَنْهُ بِالْعِتْقِ. (فَقَالَ سَعْدٌ: حَائِطُ) أَيْ بُسْتَانُ (كَذَا وَكَذَا صَدَقَةٌ عَنْهَا) يُشِيرُ بِكَذَا وَكَذَا (لِحَائِطٍ سَمَّاهُ) وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَعْدٌ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِي الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا. وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ فَاءٌ، اسْمٌ لِلْحَائِطِ أَوْ وَصْفٌ لَهُ بِالثَّمَرِ سُمِّي بِذَلِكَ لِمَا يُخْتَرَفُ مِنْهُ، أَيْ يُجْنَى مِنَ الثَّمَرِ، وَفِيهِ الْمُسَارَعَةُ إِلَى عَمَلِ الْبِرِّ وَالْمُبَادَرَةُ إِلَى بِرِّ الْوَالِدَةِ، وَأَنَّ إِظْهَارَ الصَّدَقَةِ قَدْ يَكُونُ خَيْرًا مِنْ إِخْفَائِهَا إِذَا صَدَقَتِ النِّيَّةُ وَالْجِهَادُ فِي حَيَاةِ الْأُمِّ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ اسْتَأْذَنَهَا، وَفِيهِ مَا كَانَتِ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ مِنَ اسْتِشَارَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ. وَأَسْنَدَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: " قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّ سَعْدٍ كَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ أَفَيَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَعَلَيْكَ بِالْمَاءِ» ". وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: " «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ سَعْدًا أَنْ يَسْقِيَ عَنْهَا الْمَاءَ» ". وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ أَنَّهُ قَالَ: " «أَيَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْتِقْ عَنْ أُمِّكَ» ". وَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنَّهُ تَصَدَّقَ عَنْهَا بِالْحَائِطِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَالْمَاءُ وَالْعِتْقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute