وَحَدَّثَنِي مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ غُلَامًا مِنْ غَسَّانَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِالْمَدِينَةِ وَوَارِثُهُ بِالشَّامِ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ فُلَانًا يَمُوتُ أَفَيُوصِي قَالَ فَلْيُوصِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ الْغُلَامُ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً قَالَ فَأَوْصَى بِبِئْرِ جُشَمٍ فَبَاعَهَا أَهْلُهَا بِثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ
قَالَ يَحْيَى سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الضَّعِيفَ فِي عَقْلِهِ وَالسَّفِيهَ وَالْمُصَابَ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا تَجُوزُ وَصَايَاهُمْ إِذَا كَانَ مَعَهُمْ مِنْ عُقُولِهِمْ مَا يَعْرِفُونَ مَا يُوصُونَ بِهِ فَأَمَّا مَنْ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ عَقْلِهِ مَا يَعْرِفُ بِذَلِكَ مَا يُوصِي بِهِ وَكَانَ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ
ــ
١٤٩٣ - ١٤٤٩ - (مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الْأَنْصَارِيِّ (عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ غُلَامًا مِنْ غَسَّانَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِالْمَدِينَةِ وَوَارِثُهُ بِالشَّامِ، فَذُكِرَ) بِضَمِّ الذَّالِ (ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فَلَانًا يَمُوتُ أَفَيُوصِي؟ قَالَ: فَلْيُوصِ، قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ الْغُلَامُ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ أَوِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، قَالَ: فَأَوْصَى بِبِئْرِ جُشَمَ) لِابْنَةِ عَمِّهِ أُمِّ عَمْرٍو كَمَا فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى (فَبَاعَهَا أَهْلُهَا) أَيِ الَّتِي أَوْصَى إِلَيْهَا بِهَا (بِثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) فِضَّةٍ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ هَذِهِ الطَّرِيقَ الثَّانِيَةَ لِمَا فِيهَا مِنْ بَيَانِ سِنِّ الْغُلَامِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا مَنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، وَهُوَ عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ فَقَدْ حَدَّثَ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَفِيهِ صِحَّةُ وَصِيَّةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَقَيَّدَهُ بِمَا إِذَا عَقَلَ وَلَمْ يُخَلِّطْ، وَأَحْمَدُ، وَقَيَّدَهُ بِابْنِ سَبْعٍ وَعَنْهُ بِعَشْرٍ، وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ رَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَمَالَ إِلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَأَيَّدَهُ بِأَنَّ الْوَارِثَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الثُّلُثِ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ وَصِيَّةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، وَمَنَعَهُمَا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْأَظْهَرِ عَنْهُ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى صِحَّةِ أَثَرِ عُمَرَ، وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ وَلَهُ شَاهِدٌ.
- (مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الضَّعِيفَ فِي عَقْلِهِ وَالسَّفِيهَ) الْمُبَذِّرَ لِلْمَالِ (وَالْمُصَابَ) الْمَجْنُونَ (الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا تَجُوزُ وَصَايَاهُمْ إِذَا كَانَ مَعَهُمْ مِنْ عُقُولِهِمْ مَا) أَيْ تَمْيِيزٌ (يَعْرِفُونَ مَا يُوصُونَ بِهِ، فَأَمَّا مَنْ لَيْسَ مَعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute