هَيْتًا، إِنَّمَا قَالَهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بَعْدَ تَمَامِ الْحَدِيثِ، وَأَمَّا إِذَا قَعَدَتْ. . . إِلَخْ، فَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ وَلَا يُحْفَظُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ وَابْنِ الْكَلْبِيِّ، فَعَجَبٌ مِنْ حَبِيبٍ يَحْكِيهِ عَنْ سُفْيَانَ وَأَنَّ مَالِكًا صَدَّقَهُ فَصَارَ رِوَايَةً عَنْهُمَا وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ عَنْهُمَا غَيْرَ حَبِيبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ بِاتِّفَاقٍ لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ «عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً وَهُوَ بِمَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَيْتَ عِنْدِي مَنْ رَآهَا وَمَنْ يُخْبِرُنِي عَنْهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مُخَنَّثٌ يُدْعَى هِيتًا: أَنَا أَنْعَتُهَا لَكَ إِذَا أَقْبَلَتْ قُلْتَ تَمْشِي عَلَى سِتَّةٍ وَإِذَا أَدْبَرَتْ قُلْتَ تَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَرَى هَذَا إِلَّا مُنْكَرًا، وَمَا أُرَاهُ إِلَّا يَعْرِفُ أَمْرَ النِّسَاءِ، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى سَوْدَةَ فَنَهَاهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَفَاهُ» ، فَكَانَ كَذَلِكَ حَتَّى أُمِّرَ عُمَرُ فَجُهِدَ فَكَانَ يُرَخِّصُ لَهُ، يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: يَعْنِي يَسْأَلُ النَّاسَ، وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي خَطَبَهَا سَعْدٌ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا ابْنَةُ غَيْلَانَ وَلَمْ يَتَزَوَّجْهَا إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا ابْنُ عَوْفٍ كَمَا مَرَّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا غَيْرُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ اخْتِلَافِ السِّيَاقِ. وَأَخْرَجَ الْمُسْتَغْفِرِيُّ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَى هِيتًا فِي كَلِمَتَيْنِ تَكَلَّمَ بِهِمَا، قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: إِذَا فَتَحْتُمُ الطَّائِفَ غَدًا فَعَلَيْكُمْ بِابْنَةِ غَيْلَانَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَا تُدْخِلُوهُمْ بُيُوتَكُمْ» ". وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. " «إِذَا فَتَحْتَ الطَّائِفَ فَلَا تُفْلِتَنَّ مِنْكَ بَادِيَةُ بِنْتُ غَيْلَانَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعَ هَذَا مِنْهُ: أَلَا أُرَى هَذَا الْخَبِيثَ يَفْطِنُ لِمَا أَسْمَعُ، ثُمَّ قَالَ لِنِسَائِهِ: لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ، فَحُجِبَ عَنْ بَيْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ". وَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنَّهُ حَضَّ كُلًّا مِنْ سَيِّدِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ وَخَالِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الصِّدِّيقِ عَلَيْهَا وَوَصَفَهَا لَهُمْ بِتِلْكَ الْمَحَاسِنِ فَسَمِعَهُ الْمُصْطَفَى لَمَّا أَخْبَرَ سَيِّدَهُ وَابْنَ الصِّدِّيقِ، وَبَلَغَهُ لَمَّا أَخْبَرَ خَالِدًا، قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: وَلَمْ يَزَلْ هِيتٌ بِالْمَكَانِ الَّذِي نُفِيَ إِلَيْهِ حَتَّى وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ فَكُلِّمَ فِيهِ فَأَبَى رَدَّهُ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ كُلِّمَ فِيهِ فَأَبَى ثُمَّ كُلِّمَ فِيهِ بَعْدُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ كَبِرَ وَضَعُفَ وَاحْتَاجَ فَأَذِنَ لَهُ يَدْخُلُ كُلَّ جُمُعَةٍ يَسْأَلُ وَيَرْجِعُ إِلَى مَكَانِهِ، وَنَحْوُ هَذَا مَرَّ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ.
وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا مَعْشَرٍ قَالَ: أَمَرَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغُرِّبَ إِلَى عَيْرِ جَبَلٍ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ، فَشَفَعَ لَهُ نَاسٌ عَنِ الصَّحَابَةِ، فَقَالُوا: إِنَّهُ يَمُوتُ جُوعًا فَأُذِنَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ كُلَّ جُمُعَةٍ يَسْتَطْعِمُ ثُمَّ يَلْحَقُ بِمَكَانِهِ، فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى مَاتَ. وَيُحْتَمَلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَصْلَ الْإِذْنِ فِي دُخُولِهِ كُلَّ جُمُعَةٍ وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَفَاعَةِ الصَّحَابَةِ ثُمَّ لَمَّا تُوُفِّيَ كُلِّمَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ فِي رَدِّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ رَأْسًا نَظَرًا لِمَنْ تَكَلَّمَ إِلَى أَنَّ تَعْزِيرَهُ بِالنَّفْيِ قَدِ اسْتَوْفَى الْمُدَّةَ فَامْتَنَعَ الْعُمَرَانُ مِنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُمَا لَمْ يَرَيَا نَقْضَ فِعْلِ الْمُصْطَفَى، وَلَعَلَّ عُمَرَ زَادَ فِي مَنْعِهِ حَتَّى عَنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِقَطْعِ طَمَعِ مَنْ أَرَادَ إِدْخَالَهُ رَأْسًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute