الْأَشْخَاصِ، فَرُبَّ شَخْصٍ وَاحِدٍ إِذَا عَتَقَ انْتَفَعَ بِالْعِتْقِ وَانْتَفَعَ بِهِ أَضْعَافَ مَا يَحْصُلُ مِنَ النَّفْعِ بِعِتْقٍ أَكْثَرَ عَدَدًا مِنْهُ، وَرُبَّ مُحْتَاجٍ إِلَى كَثْرَةِ اللَّحْمِ لِتَفْرِقَتِهِ عَلَى الْمَحَاوِيجِ الَّذِي يَنْتَفِعُونَ بِهِ أَكْثَرَ مِمَّا يَنْتَفِعُ هُوَ بِطِيبِ اللَّحْمِ، فَالضَّابِطُ أَنَّ مَهْمَا كَانَ أَكْثَرَ نَفْعًا كَانَ أَفْضَلَ سَوَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَاحْتُجَّ بِهِ لِمَالِكٍ فِي أَنَّ عِتْقَ الرَّقَبَةِ الْكَافِرَةِ إِذَا كَانَتْ أَغْلَى ثَمَنًا فَمِنَ الْمُسْلِمَةِ أَفْضَلُ، وَخَالَفَهُ أَصْبَغُ وَغَيْرُهُ، وَقَالُوا: الْمُرَادُ أَغْلَى ثَمَنًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى. وَقَالَ عِيَاضٌ: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ عِتْقِ الْكَافِرِ، لَكِنَّ الْفَضْلَ التَّامَّ إِنَّمَا هُوَ فِي عِتْقِ الْمُؤْمِنِ. وَعَنْ مَالِكٍ: أَنَّ عِتْقَ الْأَغْلَى ثَمَنًا أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، يَعْنِي لِظَاهِرِ حَدِيثِهِ هَذَا، قَالَ: وَخَالَفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لِحُرْمَةِ الْمُسْلِمِ وَلِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ مِنَ الْمَنَافِعِ الدِّينِيَّةِ كَالشَّهَادَةِ وَالْجِهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ الْمُرَجَّحُ أَنَّ عِتْقَ الذَّكَرِ أَفْضَلُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ. وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ، وَالنَّسَائِيِّ مَرْفُوعًا: " «أَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ كَانَتَا فِكَاكَهُ مِنَ النَّارِ عَظْمَيْنِ مِنْهُمَا بِعَظْمٍ مِنْهُ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتِ امْرَأَةً مُسْلِمَةً كَانَتْ فِكَاكَهَا مِنَ النَّارِ» ". فَجُعِلَ عِتْقُ الذَّكَرِ كَامْرَأَتَيْنِ. وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ مَنَافِعَ الذَّكَرِ أَفْضَلُ كَالْجِهَادِ وَالشَّهَادَاتِ وَالْحُكْمِ؛ وَلِأَنَّ الطَّاعَةَ مِنْهُمْ أَوْجَهُ، وَالرِّقَّ فِيهِمْ أَكْثَرُ حَتَّى إِنَّ الْجَوَارِيَ مَنْ لَا يَرْغَبُ فِي الْعِتْقِ وَتَضِيعُ مَعَهُ، وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِسِرَايَةِ الْحُرِّيَّةِ فِيمَنْ تَلِدُ الْأُنْثَى كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُقَابِلُهُ مَا ذُكِرَ أَنَّ عِتْقَ الْأُنْثَى غَالِبًا يَسْتَلْزِمُ ضَيَاعَهَا، وَأَنَّ فِي عِتْقِ الذَّكَرِ مِنَ الْمَعَانِي الْعَامَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَا لَا يَصْلُحُ لِلْإِنَاثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute