للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَأَنَّهُ شَرِبَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، قَالَ الشَّاعِرُ:

أَفِي الْوَلَائِمِ أَوْلَادٌ لِوَاحِدَةٍ ... وَفِي الْعِيَادَةِ أَوْلَادٌ لِعَلَّاتٍ

(فَهَلَكَ أَحَدُ اللَّذَيْنِ لِأُمٍّ وَتَرَكَ مَالًا وَمَوَالِيَ فَوَرِثَهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ مَالَهُ وَوَلَاءَ مَوَالِيهِ) بِالنَّصْبِ بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ وَرِثَهُ (ثُمَّ هَلَكَ الَّذِي وَرِثَ الْمَالَ وَوَلَاءَ الْمُوَالِي وَتَرَكَ ابْنَهُ وَأَخَاهُ) لِأَبِيهِ (فَقَالَ: ابْنُهُ قَدْ أَحْرَزْتُ) ضَمَمْتُ وَمَلَكْتُ (مَا كَانَ أَبِي أَحْرَزَ مِنَ الْمَالِ وَوَلَاءِ الْمَوَالِي، فَقَالَ أَخُوهُ) أَخُو الْمَيِّتِ، وَهُوَ عَمُّ الْمُنَازِعِ (لَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّمَا أَحْرَزْتَ الْمَالَ، وَأَمَّا وَلَاءُ الْمَوَالِي فَلَا، أَرَأَيْتَ) أَيْ أَخْبِرْنِي (لَوْ هَلَكَ أَخِي) الْأَوَّلُ الَّذِي وَرِثَ أَبُوكَ مِنْهُ الْمَالَ وَالْوَلَاءَ (الْيَوْمَ بَعْدَ مَوْتِ شَقِيقِهِ) الَّذِي هُوَ أَبُوكَ (أَلَسْتُ أَرِثُهُ أَنَا؟) دُونَكَ ; لِأَنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى ابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ (فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَقَضَى عُثْمَانُ لِأَخِيهِ بِوَلَاءِ الْمُوَالِي) دُونَ ابْنِهِ، وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ الْعَاصِيَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا فَكَيْفَ يَمُوتُ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ وَيَتَحَاكَمُ إِلَيْهِ فِي إِرْثِهِ؟ وَالَّذِي يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ أَنْ يَكُونَ التَّحَاكُمُ فِي الْإِرْثِ تَأَخَّرَ إِلَى زَمَنِ عُثْمَانَ، لَكِنَّ مَنْ يُقْتَلُ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا لَا يُتَحَاكَمُ فِي إِرْثِهِ إِلَى عُثْمَانَ فِي خِلَافَتِهِ، ثُمَّ وَجَدْتُ أَنَّ الَّذِي تَحَاكَمَ إِلَى عُثْمَانَ وَلَدُ الْعَاصِي بْنِ هِشَامٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَعِيدٌ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، كَذَا قَالَ الْحَافِظُ: تَعْجِيلُ الْمَنْفَعَةِ وَسَهْوُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَخَاصَمْ فِي إِرْثِ الْعَاصِي، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي صَدْرِ الْخَبَرِ لِبَيَانِ أَنَّهُ خَلَّفَ شَقِيقَيْنِ وَوَاحِدًا لِأُمٍّ أُخْرَى، وَالَّذِي تَخَاصَمَ إِلَى عُثْمَانَ إِنَّمَا هُوَ ابْنُ الْعَاصِي وَابْنُ ابْنِهِ الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ وَرِثَ شَقِيقُهُ مَالَهُ وَوَلَاءَ مَوَالِيهِ لِمَوْتِهِ بِلَا وَلَدٍ فَاخْتَصَمَا فِي وَلَاءِ مَوَالِيهِ دُونَ إِرْثِهِ لَا ذِكْرَ لِمِيرَاثِ الْعَاصِي أَصْلًا فَلَا إِشْكَالَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>