ثُمَّ عَتَقَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ) وَهُوَ سُدُسُهُ وَيَرِقُّ الثُّلُثُ لِلْوَرَثَةِ.
(قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ) أَيْ يَحْرُمُ (بَيْعُ الْمُدَبَّرِ) لِأَنَّ فِيهِ إِرْقَاقَهُ بَعْدَ جَرَيَانِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ، وَالشَّرْعُ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ. (وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَهُ) ذَكَرَهُ، وَإِنْ عُلِمَ مِنْ لَفْظِ بَيْعٍ لِقَوْلِهِ: (إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُدَبَّرُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ) لِأَنَّهُ إِذَا مَلَكَ نَفْسَهُ عَتَقَ نَاجِزًا وَهُوَ خَيْرٌ مِنَ التَّدْبِيرِ (أَوْ يُعْطِيَ أَحَدٌ سَيِّدَ الْمُدَبَّرِ مَالَا وَيُعْتِقَهُ سَيِّدُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ، فَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا) لِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ (وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ) لِأَنَّهُ الَّذِي عَقَدَ ذَلِكَ لَا لِمَنْ أَعْطَى الْمَالَ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى التَّنْجِيزِ، وَلِذَا كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ ; لِأَنَّهُ غَرَرٌ إِذْ لَا يَدْرِي كَمْ يَعِيشُ سَيِّدُهُ فَذَلِكَ غَرَرٌ لَا يَصْلُحُ) مِنَ الصَّلَاحِ ضِدَّ الْفَسَادِ، فَهُوَ بَاطِلٌ لِفَسَادِهِ بِالْغَرَرِ، وَلِذَا تُعُقِّبَ مَنْ أَجَابَ عَنْ حَدِيثِ بَيْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُدَبَّرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ رَقَبَتَهُ، وَإِنَّمَا بَاعَ خِدْمَتَهُ لِأَنَّ الْمَانِعِينَ مِنْ بَيْعِ رَقَبَتِهِ لَا يُجِيزُونَ بَيْعَ خِدْمَتِهِ أَيْضًا، وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ: إِنَّمَا بَاعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ. مُرْسَلٌ ضَعِيفٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ، وَرُوِيَ عَنْهُ مَوْصُولًا وَلَا يَصِحُّ بِهِ.
(مَالِكٌ: فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيُدَبِّرُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ: أَنَّهُمَا يَتَقَاوَمَانِهِ فَإِنِ اشْتَرَاهُ الَّذِي دَبَّرَهُ كَانَ مُدَبَّرًا كُلَّهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ) بَلِ اشْتَرَاهُ شَرِيكُهُ (انْتَقَضَ تَدْبِيرُهُ) مُرَاعَاةً لِحَقِّ الشَّرِيكِ، وَهَذَا أَمْرٌ جَرَّ إِلَيْهِ حُكْمَ التَّقْوِيمِ فَلَيْسَ يُنَاقِضُ قَوْلَهُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ كَمَا زَعَمَ (إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ أَنْ يُعْطِيَهُ شَرِيكَهُ الَّذِي دَبَّرَهُ بِقِيمَتِهِ، فَإِنْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ بِقِيمَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ مُدَبَّرًا كُلَّهُ) فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute