للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبَا الْقَاسِمِ مَا تَرَى فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْهُمْ زَنَيَا» ؟ (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ) " مَا " مُبْتَدَأٌ مِنْ أَسْمَاءِ الِاسْتِفْهَامِ وَ " تَجِدُونَ " جُمْلَةٌ فِي مَحَلِّ الْخَبَرِ، وَالْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ مَعْمُولٌ لِلْقَوْلِ وَالتَّقْدِيرُ: أَيُّ شَيْءٍ تَجِدُونَهُ فِي التَّوْرَاةِ؟ فَيَتَعَلَّقُ حَرْفُ الْجَرِّ بِمَفْعُولٍ ثَانٍ لِوَجَدَ (فِي شَأْنِ الرَّجْمِ) أَيْ فِي حُكْمِهِ، وَهَذَا السُّؤَالُ لَيْسَ لِتَقْلِيدِهِمْ وَلَا مَعْرِفَةُ الْحُكْمِ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا هُوَ لِإِلْزَامِهِمْ بِمَا يَعْتَقِدُونَهُ فِي كِتَابِهِمُ الْمُوَافِقِ لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ ; إِقَامَةً لِلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وَإِظْهَارًا لِمَا كَتَبُوهُ وَبَدَّلُوهُ مِنْ حُكْمِ التَّوْرَاةِ، فَأَرَادُوا تَعْطِيلَ نَصِّهَا فَفَضَحَهُمُ اللَّهُ، وَذَلِكَ إِمَّا بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي التَّوْرَاةِ لَمْ يُغَيَّرْ، وَإِمَّا بِإِخْبَارِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ (فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ بَيْنَهُمَا فَاءٌ سَاكِنَةٌ، مِنَ الْفَضِيحَةِ، أَيْ نَكْشِفُ مَسَاوِيَهُمْ وَنُبَيِّنُهَا لِلنَّاسِ (وَيُجْلَدُونَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، أَيْ نَجِدُ أَنْ نَفْضَحَهُمْ وَيُجْلَدُونَ، فَهُوَ مَعْمُولٌ عَلَى الْحِكَايَةِ لِـ " نَجِدُ " الْمُقَدَّرَ، أَيْ زَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ فِي التَّوْرَاةِ وَهُمْ كَاذِبُونَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا فَسَّرُوا بِهِ التَّوْرَاةَ، يَكُونُ مَقْطُوعًا عَنِ الْجَوَابِ، أَيِ الْحُكْمُ عِنْدَنَا أَنْ نَفْضَحَهُمْ وَيُجْلَدُونَ، فَيَكُونُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ بِتَقْدِيرِ أَنْ، وَإِنَّمَا بُنِيَ أَحَدُ الْفِعْلَيْنِ لِلْفَاعِلِ وَالْآخَرُ لِلْمَفْعُولِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْفَضِيحَةَ مَوْكُولَةٌ إِلَيْهِمْ وَإِلَى اجْتِهَادِهِمْ بِكَشْفِ مَسَاوِيهِمْ. وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، فَقَالُوا: «نَسْخَمُ وُجُوهَهُمَا وَنُخْزِيهِمَا» . وَفِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالُوا: «نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا وَنُخَالِفُ بَيْنَ وُجُوهِهِمَا وَيُطَافُ بِهِمَا» .

(فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ) بِخِفَّةِ اللَّامِ، الْإِسْرَائِيلِيُّ الْحَبْرُ، مِنْ ذُرِّيَّةِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، حَلِيفُ الْخَزْرَجِ، لَهُ أَحَادِيثٌ وَفَضْلٌ وَشَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ، مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ (كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ) عَلَى الزَّانِي الْمُحْصَنِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ: «فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: ادْعُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالتَّوْرَاةِ، فَأَتَى بِهَا» . وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ قَالَ، أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (فَأَتَوْا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْفَوْقِيَّةِ (بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا) أَيْ فَتَحُوهَا وَبَسَطُوهَا، زَادَ فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ: فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَرْضَوْنَ: يَا أَعْوَرُ اقْرَأْ (فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صُورِيَاءَ الْيَهُودِيُّ الْأَعْوَرُ (يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ ثُمَّ قَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ) عَنْهَا (فَرَفَعَ يَدَهُ، فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ: فَإِذَا آيَةُ الرَّجْمِ تَحْتَ يَدِهِ، وَ " بَيَّنَهَا " فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَفْظُهُ: «الْمُحْصَنُ وَالْمُحْصَنَةُ إِذَا زَنَيَا وَقَامَتْ عَلَيْهِمَا الْبَيِّنَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>