الْمَدْلُولِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (فَقَالَ الرَّجُلُ: فَإِنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ) بِفَتْحَتَيْنِ (أَخَذَ غُلَامًا) عَبْدًا (لِي وَهُوَ يُرِيدُ قَطْعَهُ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَمْشِيَ مَعِيَ إِلَيْهِ فَتُخْبِرَهُ بِالَّذِي سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَشَى مَعَهُ رَافِعٌ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَقَالَ: أَخَذْتَ غُلَامًا لِهَذَا) الرَّجُلِ (قَالَ نَعَمْ) أَخَذْتُهُ (قَالَ: فَمَا أَنْتَ صَانِعٌ) فَاعِلٌ (بِهِ؟) وَفِي هَذَا مِنَ اللُّطْفِ فِي الْخِطَابِ مَا لَا يَخْفَى حَيْثُ لَمْ يَقُلْ لَهُ إِنَّ هَذَا قَدْ أَخَذْتَ لَهُ غُلَامًا وَأَرَدْتَ قَطْعَهُ (قَالَ: أَرَدْتُ قَطْعَ يَدِهِ) لِأَنَّهُ سَرَقَ (فَقَالَ لَهُ رَافِعٌ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ) زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ: إِلَّا مَا آوَاهُ الْجَرِينُ.
(فَأَمَرَ مَرْوَانُ بِالْعَبْدِ فَأُرْسِلَ) أُطْلِقَ مِنَ السِّجْنِ بَعْدَ أَنْ ضَرَبَهُ.
فَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ: فَضَرَبَهُ وَحَبَسَهُ.
وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: فَأَرْسَلَهُ مَرْوَانُ فَبَاعَهُ أَوْ نَفَاهُ أَيْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ كُلِّهَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فَإِنْ كَانَ فِيهِ كَلَامٌ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَتَلَقَّتِ الْأَئِمَّةُ مَتْنَهُ بِالْقَبُولِ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ رَافِعٍ، وَتَابَعَ مَالِكًا عَلَيْهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْحَمَّادَانِ وَأَبُو عَوَانَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُهُمْ، وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعٍ عَنْ رَافِعٍ، وَكَذَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ دُلَيْلٍ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهِ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَهُوَ مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ لَكِنْ قَدْ خُولِفَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ إِلَّا مَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ دُلَيْلٍ فَقِيلَ عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عَمَّةٍ لَهُ، وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ رَافِعٍ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ، وَقَدْ خُولِفَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ دُلَيْلٍ أَيْضًا، فَإِنَّمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ رَافِعٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ غَيْرُ قَادِحٍ كَمَا قَدْ يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فَإِنْ كَانَ فِيهِ كَلَامٌ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، وَأَمَّا الْمَتْنُ فَصَحِيحٌ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ وَأَبُو عُمَرَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَإِسْنَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute