الْمَدَنِيِّ، الثِّقَةُ التَّابِعِيُّ الصَّغِيرُ مَاتَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ (أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ (الْأَنْصَارِيِّ) الْأَوْسِيِّ الْأَشْهَلِيِّ، صَحَابِيٍّ صَغِيرٍ وَجُلُّ رِوَايَتِهِ عَنِ الصَّحَابَةِ، مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَقِيلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَلَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ قَدِمَ الشَّامَ) فِي خِلَافَتِهِ (شَكَا إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّامِ وَبَاءَ الْأَرْضِ) أَيْ مَرَضَ أَرْضِهِمُ الْعَامَّ (وَثِقَلَهَا) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الْقَافِ ضِدَّ الْخِفَّةِ (وَقَالُوا لَا يُصْلِحُنَا إِلَّا هَذَا الشَّرَابُ، فَقَالَ عُمَرُ: اشْرَبُوا هَذَا الْعَسَلَ) النَّحْلَ فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً (فَقَالُوا لَا يُصْلِحُنَا الْعَسَلُ) لَا يُوَافِقُ أَمْزِجَتَنَا (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ) يَعْنِي أَرْضَ الشَّامِ: (هَلْ لَكَ) رَغْبَةٌ فِي (أَنْ نَجْعَلَ لَكَ مِنْ هَذَا الشَّرَابِ شَيْئًا لَا يُسْكِرُ؟ قَالَ: نَعَمْ فَطَبَخُوهُ حَتَّى ذَهَبَ مِنْهُ الثُّلُثَانِ وَبَقِيَ الثُّلُثُ فَأَتَوْا بِهِ عُمَرَ) لِيَعْرِضُوهُ عَلَيْهِ (فَأَدْخَلَ عُمَرُ فِيهِ إِصْبَعَهُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ فَتَبِعَهَا يَتَمَطَّطُ) يَتَمَدَّدُ (فَقَالَ: هَذَا الطِّلَاءُ) بِالْمَدِّ مَا يُطْبَخُ مِنَ الْعَصِيرِ حَتَّى يَغْلُظَ (هَذَا مِثْلُ طِلَاءِ الْإِبِلِ) أَيِ الْقَطِرَانِ الَّذِي يُطْلَى بِهِ جَرَبُهَا (فَأَمَرَهُمْ عُمَرُ أَنْ يَشْرَبُوهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ مُسْكِرًا (فَقَالَ لَهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ) أَحَدُ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ (أَحْلَلْتَهَا وَاللَّهِ) أَيِ الْخَمْرَ (فَقَالَ عُمَرُ: كَلَّا) رَدْعٌ أَيِ انْزَجِرْ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ (وَاللَّهِ) لَمْ أُحَلِّلْهَا لِأَنَّ اجْتِهَادَهُ حِينَئِذٍ أَدَّاهُ إِلَى جَوَازِ مَا لَا يُسْكِرُ.
(اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أُحِلُّ لَهُمْ شَيْئًا حَرَّمْتَهُ عَلَيْهِمْ وَلَا أُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ شَيْئًا أَحْلَلْتَهُ لَهُمْ) وَكَأَنَّ عُمَرَ اجْتَهَدَ فِي تِلْكَ الْمَرَّةِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فَحَدَّ ابْنَهُ فِي شُرْبِ الطِّلَاءِ كَمَا مَرَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute