رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمِ بْنِ عُوَيْمِرٍ الْهُذَلِيِّ، وَعُوَيْمِرٌ بَرَاءٍ آخِرِهِ وَبِدُونِهَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَتْ أُخْتِي مُلَيْكَةُ وَامْرَأَةٌ مِنَّا يُقَالُ لَهَا أُمُّ عَفِيفٍ بِنْتُ مَسْرُوحٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ هُذَيْلٍ تَحْتَ حَمَلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ فَضَرَبَتْ أُمُّ عَفِيفٍ مُلَيْكَةَ.
وَلِلْبَيْهَقِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَسْمِيَةُ الضَّارِبَةِ أُمُّ غَطِيفٍ وَهُمَا وَاحِدَةٌ وَحَمَلُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ (فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا) مَيِّتًا، زَادَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ خَالِدٍ: فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَقَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغُرَّةٍ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ مُنَوَّنًا بَيَاضٌ فِي الْوَجْهِ عُبِّرَ بِهِ عَنِ الْجَسَدِ كُلِّهِ إِطْلَاقًا لِلْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ (عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ) بِجَرِّهِمَا بَدَلٌ مِنْ غُرَّةٍ وَأَوْ لِلتَّقْسِيمِ لَا لِلشَّكِّ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ وَأَصْوَبُ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَجُوزُ إِلَّا بِتَأْوِيلٍ كَمَا وَرَدَ قَلِيلًا، وَالْمُرَادُ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ وَإِنْ كَانَا أَسْوَدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي الْغُرَّةِ الْبَيَاضَ فِي الْوَجْهِ، لَكِنْ تَوَسَّعُوا فِي إِطْلَاقِهَا عَلَى الْجَسَدِ كُلِّهِ كَمَا قَالُوا: أَعْتَقَ رَقَبَةً.
وَقَوْلُ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ الْمُقْرِيِّ: الْمُرَادُ الْأَبْيَضُ لَا الْأَسْوَدُ إِذْ لَوْلَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِالْغُرَّةِ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى شَخْصِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ لَمَا ذَكَرَهَا، تَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ مِنْ إِجْزَاءِ الْغُرَّةِ السَّوْدَاءِ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْغُرَّةُ عِنْدَ الْعَرَبِ أَنْفَسُ الشَّيْءِ، وَأُطْلِقَتْ هُنَا عَلَى الْإِنْسَانِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ فَهُوَ أَنْفَسُ الْمَخْلُوقَاتِ.
وَزَادَ اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِسَنَدِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ فَقَضَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا.
وَقَرِيبٌ مِنْهُ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَكِلَاهُمَا فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: تَرَكَ ذَلِكَ مَالِكٌ ; لِأَنَّ فِيهِ إِثْبَاتَ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَهُوَ لَا يَقُولُ بِهِ لِأَنَّهُ وَجَدَ الْفَتْوَى وَعَمَلَ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ، فَكَرِهَ أَنْ يَذْكُرَ مَا لَا يَقُولُ بِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى قِصَّةِ الْجَنِينِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْغُرَّةِ، هَكَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الثَّانِي.
وَقَالَ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ: لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِكٍ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَتْلَ الْمَرْأَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَالِاضْطِرَابِ بَيْنَ أَهْلِ النَّقْلِ وَالْفُقَهَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَذَكَرَ قِصَّةَ الْجَنِينِ الَّتِي لَمْ يَخْتَلِفُ فِيهَا الْإِخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَإِسْمَاعِيلَ، وَقَبْلَهُ فِي رَآهُ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ الْخَمْسَةُ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ بِهِ بِدُونِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَاللَّيْثُ وَيُونُسُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِالزِّيَادَةِ ثَلَاثَتُهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَتَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمِثْلِ رِوَايَةِ مَالِكٍ فَقَطْ كَمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute