هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ جَدَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَعَمَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُحَيْحَةَ هَذَا هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ فِي النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي الدُّبُرِ.
وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يَكُونَ لِأَبِيهِ أُحَيْحَةَ صُحْبَةٌ، وَقَدْ أَنْكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا إِنْكَارًا شَدِيدًا.
وَقَالَ فِي الِاسْتِيعَابِ: ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِيمَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَسَمِعَ مِنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهَذَا لَا أَدْرِي مَا هُوَ لِأَنَّ أُحَيْحَةَ قَدِيمٌ وَهُوَ أَخُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِأُمِّهِ، فَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ خُزَيْمَةَ مَنْ كَانَ بِهَذَا الْقِدَمِ، وَيَرْوِي عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ حَفِيدًا لِعَمْرِو بْنِ أُحَيْحَةَ يَعْنِي تَسَمَّى بَاسِمِ جَدِّهِ، قُلْتُ: لَمْ يَتَعَيَّنْ مَا قَالَ بَلْ لَعَلَّ أُحَيْحَةَ بْنَ الْجُلَاحِ وَالِدَ عَمْرٍو آخَرُ غَيْرُ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ الْمَشْهُورِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمَرْزُبَانِيُّ عَمْرَو بْنَ أُحَيْحَةَ فِي مُعْجَمِ الشُّعَرَاءِ، وَقَالَ: إِنَّهُ مُخَضْرَمٌ يَعْنِي أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَالْإِسْلَامَ وَأَنْشَدَ لَهُ شِعْرًا، قَالَ: لَمَّا خَطَبَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ. وَأُحَيْحَةُ بْنُ الْجُلَاحِ الْمَشْهُورُ كَانَ شَرِيفًا فِي قَوْمِهِ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَهْرٍ، وَمِنْ وَلَدِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ أَحَدُ مَنْ سُمِّيَ مُحَمَّدًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ هُوَ النَّبِيَّ الْمَبْعُوثَ، وَمَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَسْلَمَ وَلَدُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَشَهِدَ بَدْرًا وَغَيْرَهَا، وَاسْتُشْهِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبِئْرِ مَعُونَةَ، وَمِمَّنْ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ أُحَيْحَةَ عِيَاضُ بْنُ عَمْرِو بْنِ شَهْلِ بْنِ أُحَيْحَةَ شَهِدَ أُحُدًا وَمَا بَعْدَهَا، وَعِمْرَانُ وَبُلَيْلٌ وَلَدَا بِلَالِ بْنِ أُحَيْحَةَ شَهِدًا أُحُدًا أَيْضًا، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ أَبَاهُمْ فِي الصَّحَابَةِ، وَمِنْ ذُرِّيَّةِ أُحَيْحَةَ أَيْضًا فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاقِدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الْأَصْرَمِ بْنِ حُجْبَا، أُمُّهُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الْمَذْكُورِ، وَذَاكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى وَهْمِ مَنْ ذَكَرَ أُحَيْحَةَ بْنَ الْجُلَاجِ الْأَكْبَرَ فِي الصَّحَابَةِ.
وَقَالَ عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ: وَهِمَ بَعْضُهُمْ مَا فِي الْمُوَطَّأِ بِأَنَّ أُحَيْحَةَ جَاهِلِيٌّ لَمْ يُدْرِكِ الْإِسْلَامَ، وَالْأَنْصَارُ اسْمٌ إِسْلَامِيٌّ لِلْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فَكَيْفَ يُقَالُ مِنَ الْأَنْصَارِ؟ قَالَ عِيَاضٌ: وَهُوَ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ فِي اللَّفْظِ تَسَاهُلًا لِمَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْمَذْكُورِ، وَصَارَ لَهُمْ هَذَا الِاسْمُ كَالنَّسَبِ ذُكِرَ فِي جُمْلَتِهِمْ لِأَنَّهُ مِنْ إِخْوَتِهِمُ، انْتَهَى.
وَهَذَا تَسْلِيمٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ مَاتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وَقَدْ أَغْرَبَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَذَّاءِ فِي رِجَالِ الْمُوَطَّأِ فَزَعَمَ أَنَّ أُحَيْحَةَ بْنَ الْجُلَاحِ قَدِيمُ الْوَفَاةِ وَأَنَّهُ عُمِّرَ حَتَّى أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ، وَأَنَّهُ الَّذِي ذَكَرَ عَنْهُ مَالِكٌ مَا ذَكَرَ، وَأَنَّ عُرْوَةَ لَمْ يُدْرِكْهُ وَإِنَّمَا وَقَعَ لَهُ الَّذِي وَقَعَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهَا الْإِسْلَامُ انْتَهَى.
فَجَعَلَهُ تَارَةً أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ وَتَارَةً لَمْ يُدْرِكْهُ، الْحَقُّ أَنَّهُ مَاتَ قَدِيمًا كَمَا قَدَّمْتُهُ.
وَأَمَّا صَاحِبُ الْقِصَّةِ فَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ غَيْرُهُ وَكَأَنَّهُ وَالِدُ عَمْرِو بْنِ أُحَيْحَةَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ، فَيَكُونُ أُحَيْحَةُ الصَّحَابِيُّ وَالِدُ عَمْرٍو غَيْرَ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ جَدِّ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الْقَدِيمِ الْجَاهِلِيِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَصْغَرُ حَفِيدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute