للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالسُّكْرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَجْنُونِ أَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْقَصْدُ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ.

(قَالَ مَالِكٌ: أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلِ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ، أَوْ بِالرَّفْعِ أَيْ وَهِيَ قَوْلُ (اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] (الْحُرُّ بِالْحُرِّ) يُقْتَلُ لَا بِالْعَبْدِ (وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) فَهَؤُلَاءِ الذُّكُورُ (وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى) (سورة الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ١٧٨) أَنَّ الْقِصَاصَ يَكُونُ بَيْنَ الْإِنَاثِ كَمَا يَكُونُ بَيْنَ الذُّكُورِ، وَالْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ تُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ: (كَمَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْحُرِّ) الذَّكَرِ (وَالْأَمَةُ تُقْتَلُ بِالْأَمَةِ كَمَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ، وَالْقِصَاصُ يَكُونُ بَيْنَ النِّسَاءِ كَمَا يَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ) كَمَا دَلَّ عَلَى هَذَا كُلِّهِ الْآيَةُ، وَبَيَّنَتِ السُّنَّةُ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْمُمَاثَلَةِ فِي الدِّينِ، فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ وَلَوْ رَقِيقًا بِكَافِرٍ وَلَوْ حُرًّا.

(وَالْقِصَاصُ أَيْضًا يَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - قَالَ فِي كِتَابِهِ: (وَكَتَبْنَا) فَرَضْنَا (عَلَيْهِمْ فِيهَا) أَيِ التَّوْرَاةِ (أَنَّ النَّفْسَ) تُقْتَلُ (بِالنَّفْسِ) إِذَا قَتَلَتْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ (وَالْعَيْنَ) تُفْقَأُ (بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ) يُجْدَعُ (بِالْأَنْفِ، وَالْأُذُنَ) تُقْطَعُ (بِالْأُذُنِ، وَالسِّنَّ) تُقْلَعُ (بِالسِّنِّ) وَفِي قِرَاءَةٍ بِرَفْعِ الْأَرْبَعَةِ (وَالْجُرُوحَ) بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ (قِصَاصٌ) أَيْ يُقْتَصُّ مِنْهَا إِذَا أَمْكَنَ كَيَدٍ وَرِجْلٍ وَذَكَرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ حُكُومَةٌ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا الْحُكْمُ وَإِنْ كُتِبَ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ فَإِنَّهُ مُسْتَمِرٌّ فِي شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا إِذَا حُكِيَ مُتَقَرِّرًا وَلَمْ يُنْسَخْ، وَقَدِ احْتَجَّ الْأَئِمَّةُ كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ كَمَا قَالَ.

(فَذَكَرَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) وَأَطْلَقَ فَلَمْ يُقَيِّدْ بِذَكَرٍ (فَنَفْسُ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ بِنَفْسِ الرَّجُلِ الْحُرِّ وَجُرْحُهَا بِجُرْحِهِ) لِعُمُومِ الْآيَةِ.

وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِعُمُومِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>