للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى شَابٍّ مِنْهُمْ يُرِيدُ الْكَلَامَ فَقَالَ عُمَرُ: كَبِّرُوا كَبِّرُوا، فَقَالَ الْفَتَى: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ بِالسِّنِّ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْكَ، قَالَ: صَدَقْتَ تَكَلَّمْ - رَحِمَكَ اللَّهُ - فَقَالَ: إِنَّا وَفْدُ شُكْرٍ فَذَكَرَ الْخَبَرَ انْتَهَى.

وَحَقِيقَةُ الدَّعْوَى إِنَّمَا هِيَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخِي الْقَتِيلِ لَا حَقَّ لِابْنِ عَمِّهِ فِيهَا، فَإِنَّمَا أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَكَلَّمَ الْأَكْبَرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الْمُرَادُ حِينَئِذٍ الدَّعْوَى بَلْ سَمَاعَ صُورَةِ الْقِصَّةِ، وَعِنْدَ الدَّعْوَى يُدْعَى الْمُسْتَحِقُّ، أَوِ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَكْبَرَ يَكُونُ وَكِيلًا لَهُ.

(فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ) الَّذِي هُوَ أَسَنُّ (ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ) أَخُوهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، فَصَمَتَ أَيْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَتَكَلَّمَ صَاحِبَاهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مَعَهُمَا فَذَكَرُوا مَقْتَلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِمَّا أَنْ يَدَوُا صَاحِبَكُمْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَخِفَّةِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يُعْطُوا أَيِ الْيَهُودُ دِيَةَ صَاحِبِكُمْ (وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا) يَعْلَمُوا (بِحَرْبٍ) تَهْدِيدٌ وَتَشْدِيدٌ إِذْ لَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى حَرْبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ غَايَةِ الذِّلَّةِ.

(فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ) أَيْ أَمَرَ بِالْكُتُبِ إِلَى الْيَهُودِ (فِي ذَلِكَ) الْخَبَرِ الَّذِي نُقِلَ إِلَيْهِ (فَكَتَبُوا) الْيَهُودُ (إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ) زَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلَهُ.

(فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَتَحْلِفُونَ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ (وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ) أَيْ بَدَلٌ مِنْ دَمِ صَاحِبِكُمْ فَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ، أَوْ مَعْنَى صَاحِبِكُمْ غَرِيمُكُمْ فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَقْدِيرٍ، وَالْجُمْلَةُ فِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَتَحْلِفُونَ لِتَسْتَحِقُّوا؟ وَقَدْ جَاءَتِ الْوَاوُ بِمَعْنَى التَّعْلِيلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٤] (سورة الشُّورَى: الْآيَةُ ٣٤) الْمَعْنَى لِيَعْفُوَ، وَفِي عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَى الثَّلَاثَةِ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ: وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً، وَأَنَّ لِوَلِيِّ الدَّمِ وَهُوَ هُنَا الْأَخُ الِاسْتِعَانَةَ بِعَاصِبِهِ.

(قَالُوا: لَا) نَحْلِفُ.

وَفِي الرِّوَايَةِ اللَّاحِقَةِ لَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَحْضُرْ.

(قَالَ: أَفَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ؟) خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّهُمْ مَا قَتَلُوهُ.

(قَالُوا: لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ) وَفِي اللَّاحِقَةِ: كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ وَفِي رِوَايَةٍ قَالُوا: لَا نَرْضَى بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ.

وَفِي أُخْرَى: مَا يُبَالُونَ أَنْ يَقْتُلُونَا أَجْمَعِينَ ثُمَّ يَحْلِفُونَ.

(فَوَدَاهُ) بِخِفَّةِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بِلَا هَمْزٍ أَعْطَى دِيَتَهُ (رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِهِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ: فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، وَجُمِعَ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَدَفَعَ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>